محو سيئات الخلوة للحسنات الظاهرة للعلن؛ فهي تبدّد الطاعات التي قدّمت وتجعلها كأن لم تكن. سوء الخاتمة، وهذه عقوبة إلهية مقترنة بعدم صدق العبد، وتفضيله رضا المخلوقين على رضا الله سبحانه. دليل على مرض في قلب العبد؛ فهي تُشير إلى ضعف تعظيم الله، وعدم إجلاله سبحانه كما يليق بجلال وجهه. اليأس من الإصلاح، فتكرار السقوط في ذنوب الخلوات يُشيع اليأس في قلب العاصي؛ فيموت قلبه وينقطع عن التوبة؛ ولا أخطر من موت القلب وانعدام الندم على اقتراف المعاصي والذنوب. التخلص من ذنوب الخلوات الالتجاء إلى الله تعالى عن طريق الدعاء والتضرّع إليه، وسؤاله بصرف الذنوب والمعاصي؛ فالله قريب يُجيب دعوة عبده. مجاهدة النفس، والابتعاد عن وسوستها، وتطويعها في مرضاة الله؛ فالنفس أمّارة بالسوء، وجعل الله أعظم الجهاد جهاد النفس، ووعد مجاهدي النفس بالهداية والصلاح. التفكّر في الوعيد الشديد يوم القيامة؛ فإذا أتى مذنب الخلوات بمثل جبلٍ كبير من الحسنات، جعله الله هباءً منثوراً؛ وذلك لانتهاكه حرمات الله في خلوته. احْذَرُوا مِنْ ذُنُوبِ الْخَلَوَاتِ!! | موقع تفريغات العلامة رسلان. استشعار رقابة الله سبحانه، وأنّه رقيبٌ على عباده، ويطّلع على المسلّم في أي حالٍ كان عليه. تخيّل المسلم لمن يحترمهم ويقدّرهم بأنّهم ينظرون إليه وهو يقترف الذنب؛ وذلك ليستشعر استحياءه من الله كاستحيائه من أحد من الخلق وأشدّ.
[١] الذنب في الاصطلاح الشرعي: هو فعلٌ ما، حذّر منه الله -سبحانه وتعالى- ممّا جاء النهي عن تركه في الأحكام الشرعيّة، سواءً أكان قولاً أم فعلاً، ظاهراً كان أم باطناً، ويشمل أيضاً ترك ما أمر الله -تعالى- به من أوامر، [٢] والذنوب في الإسلام تُقسَم إلى قسمين، وبيان ذلك كالآتي: [٣] كبائر الذنوب: كلّ ذنبٍ اقترن شرعاً بوعيد شديد؛ مثل: دخول نار جهنّم ، أو عذاب، أو غضب، أو لعنة. صغائر الذنوب: كلّ ذنبٍ ما دون الحدّين؛ حدّ الدنيا، وحدّ الآخرة.
قال صلى الله عليه وسلم (كلُّ ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون)، فمن الطبيعي أن يقع العبد المسلم في خطيئة أو يقوم بعمل ذنبٍ في خلوته؛ سواء عن قصد أو من غير قصد، ولكن كما قرأنا في الحديث الشريف؛ فإن التوبة علاج لكل أمرٍ مُخالفٍ يفعله العبد. وقال تعالى في مُحكم تنزيله (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)، إن الله الأعلم بعباده قد جعل لهم باباً لا يُغلَق حتى تبلغ الروح الحلقوم؛ وهو باب التوبة، فأي عبدٍ اقترف أي ذنب فعليه بالتوبة إلى الله بصدق نِيَّة والله يغفر الذنوب جميعاً. وكذلك إكثار العبد من الاستغفار والمسارعة إليه، فهو يُنجِّي العبد ويزيل عنه الإثم، بل إنه مفتاح الرزق كذلك. من أجل أن يبتعد العبد عن ذنوب الخلوات؛ عليه أن يتذكر دائماً بأن الله يراقبه، قال تعالى (وما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيد)، كل أمرٍ أو حرفٍ يقوله مسجَّلٌ إما له أو عليه في صحيفته، وكما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، اعلم أن الله يراك، وتيقَّن من هذه الحقيقة التي لا نِزاع فيها، ولا تجعل الله أهون الناظرين إليك، وصحيفتك ستُعرضُ عليك يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، فانظر بما ستملأها.