- حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: سهلا دمثا. 24063- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: هو السهل. وقال آخرون: بل معناه: واتركه يبسا جددا. واترك البحر رهوا انهم جند مغرقون. ذكر من قال ذلك:24064- حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثني عبيد الله بن معاذ، قال: ثني أبي، عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة، في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: جددا. 24065- حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثني عبيد الله بن معاذ، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: يابسا كهيئته بعد أن ضربه، يقول: لا تأمره يرجع، اتركه حتى يدخل آخرهم. 24066- حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {رهوا} قال: طريقا يبسا. 24067- حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة {واترك البحر رهوا} كما هو طريقا يابسا. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال معناه: اتركه على هيئته كما هو على الحال التي كان عليها حين سلكته، وذلك أن الرهو في كلام العرب: السكون، كما قال الشاعر:كأنما أهل حجر ينظرون متى يرونني خارجا طير يناديدطير رأت بازيا نضح الدماء به وأمه خرجت رهوا إلى عيديعني على سكون، وإذا كان ذلك معناه كان لا شك أنه متروك سهلا دمثا، وطريقا يبسا لأن بني إسرائيل قطعوه حين قطعوه، وهو كذلك، فإذا ترك البحر رهوا كما كان حين قطعه موسى ساكنا لم يهج كان لا شك أنه بالصفة التي وصفت.
واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون عطف على جملة فأسر بعبادي ليلا فيجوز أن تكون الجملتان صدرتا متصلتين بأن أعلم الله موسى حين أمره بالإسراء بأنه يضرب البحر بعصاه فينفلق عن قعره اليابس حتى يمر منه بنو إسرائيل كما ورد في آيات أخرى مثل آية سورة الشعراء. ولما أمره بذلك طمنه بأن لا يخشى بقاءه منفلقا فيتوقع أن يلحق به فرعون بل يجتاز البحر ويتركه فإنه سيطغى على فرعون وجنده فيغرقون ، ففي الكلام إيجاز تقديره: فإذا سريت بعبادي فسنفتح لكم البحر فتسلكونه فإذا سلكته فلا تخش أن يلحقكم فرعون وجنده واتركه فإنهم مغرقون فيه. واترك البحر رهوا ۖ إنهم جند مغرقون. ويجوز أن تكون الجملة الثانية صدرت وقت دخول موسى ومن معه في طرائق البحر فيقدر قول محذوف ، أي وقلنا له: اترك البحر رهوا ، أي سيدخله فرعون وجنده ولا يخرجون منه لأن في بقائه مفروقا حكمة أخرى وهي دخول فرعون وجنده في طرائقه طمعا منهم أن يلحقوا موسى وقومه ، حتى إذا توسطوه انضم عليهم ، فتحصل فائدة إنجاء بني إسرائيل وفائدة إهلاك عدوهم ، فتكون الواو عاطفة قولا محذوفا على القول المحذوف قبله. وعلى الوجهين فالترك مستعمل مجازا في عدم المبالاة بالشيء كما يقال: دعه يفعل كذا ، وذره ، كقوله تعالى ذرهم في خوضهم يلعبون ، وقالت كبشة بنت معد يكرب: ودع عنك عمرا إن عمرا مسالم وهل بطن عمرو غير شبر المطعم والبحر هو بحر القلزم المسمى اليوم البحر الأحمر.
الفوائد: - من هو تبّع.. قيل: هو تبع الحميري من ملوك اليمن، سمي تبعا لكثرة أتباعه. في مَعْنَى (رَهْوًا) في آيةِ سُورَةِ الدُّخَان. وقيل: هو لقب لملوك اليمن، كما يسمى في الإسلام خليفة وكان تبع يعبد النار، فأسلم ودعا قومه حمير إلى الإسلام فكذبوه. عن سهل بن سعد قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم. رواه أحمد بن حنبل. وعن أبى هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما أدرى أكان تبع نبيا أو غير نبي. وعن عائشة رضى اللّه عنها قالت: لا تسبّوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا.
لما اجتاز موسى عليه السلام البحر أراد أن يضربه مرة أخرى ليعيده إلى ما كان، فقال الله له: "وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ۖ إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ" (الدخان: 24) نحفظ معنى هذه الآية من قديم، أي: اتركه كما هو على حالته ساكنا، ولكن السؤال الآن: ما المعنى أو المعاني الدقيقة لكلمة (رهوا)؟ ولماذا اختارت الآية هذه اللفظة المتفردة التي لم يستعملها القرآن إلا في هذا الموضع؟ أسئلة طرحتُها على نفسي، وهُرِعت إلى كتب اللغة لأدرس اللفظة أولا في مادتها المعجمية، فوجدت عجبا. أولا ننظر ماذا قالت كتب اللغة في كلمة ( رهو): تعددت المعاني لهذه اللفظة العجيبة، كما يلي: ١- فتْحُ ما بين الرجلين رَهَا بين رجليه رهْوًا، أي: فتح رجليه. ٢- السكون يقال: رها الشيءُ رهْوًا: سكن، وكل ساكن لا يتحرك: رَهْوٌ ، ورَهَا البحرُ، أي: سكن. ٣- الاتساع وبِئر رهْوٌ: واسعة الفم، وامرأة رهْو: واسعة الهَنِ، وطريق رَهَاء: واسع ٤ ، ٥- المرتفع، والمنخفض من الأرض والرهْو أيضا: ما اطْمَأَنَّ من الأرض وارتفع ما حوله، فالمنخفض من الأرض يسمى رهوا، ، وكذلك المكان المرتفع يطلق عليه رهو أيضا، فهو من الأضداد. والرهْوَة: المكان المرتفع، والمنخفض يجتمع فيه الماء.