وتعتبر الاحساء التي تضم جبل القارة منطقة غنية بالمواقع التاريخية والسياحية، وتشغل مساحة كبيرة في الجزء الشرقي من المملكة، وتتوسط المسافة بين الدمام عاصمة المنطقة الشرقية، ودولة قطر ، كما تقع في الطريق الدولي الى دولة الامارات وسلطنة عمان وترتبط بمواصلات برية وسكة حديد مع العاصمة الرياض ، ويقع في الشرق منها الخليج العربي وخليج سلوى، وجنوباً الربع الخالي وغرباً صحراء الدهناء، وتمثل الأحساء نحو 24 في المائة من مساحة المملكة و67 في المائة من مساحة المنطقة الشرقية (534 الف كيلومتر مربع). وبالاضافة لنخيلها وعيونها، وايضاً شعرائها، فإن الاحساء تضم عدداً من المواقع التاريخية والاثرية التي من شأن الاهتمام بها وتعزيز الاستثمار السياحي داخلها دعم المحافظة عليها، وتطوير الصناعة السياحية في المملكة، ومن بين هذه المواقع، منطقة (جواثا)، وهي موقع أثري كبير يبعد نحو 17 كلم شمال شرق مدينة الهفوف، وفيها مسجد جواثا الذي شهد أول صلاة جمعة بعد مسجد رسول الله (ص)، وفيها ايضاً حصن جواثا الذي اعتصم به المسلمون في حروب الردة. ويقع في الاحساء (قصر المجصة) في جنوب بلدة الطرف على بعد 14 كم شرق مدينة الهفوف وهو عبارة عن قلعة شيدت بالطوب الأحمر المأخوذ من أحد التلال القريبة من الموقع، وقد أقيمت على طرف أحد الينابيع الطبيعية التي كان ماؤها يجري باتجاه جنوب القلعة، ويشكل الماء الزائد بعد ري المزارع المحيطة بالقلعة نهراً يتجه شرقاً، وقد بني هذا القصر في موقع أثري ربما يرجع إلى ما قبل الإسلام.
ويشير محدثنا إلى أن هذا الجبل ومحيطه قد يكون أكثر المواقع الطبيعية في المملكة جذباً للمصوِّرين. وقد تمكَّن عدد كبير منهم من الفوز بجوائز عالمية عن صور تم التقاطها في محيط الجبل ومغاراته وعُرضت عالمياً. في البحث عن تاريخ الجبل وأمام جبل قارة يبدو استطلاع تاريخه أمراً مغرياً حتى لأولئك الذين لا يتمتعون بفضول كبير. ومن ينطلق في استطلاع هذا التاريخ من الاسم، سيجد روايات ترده إلى قبيلة جاهلية "حذقت في الرماية" وسُميت "القارة"، لشدة براعة أهلها في رمي السهام. لكن تضاريس الموقع ترجِّح صحة التعريف بأنَّ معنى الاسم هو "جبل صغيرٌ منفردٌ أَسودُ مستديرٌ ملمومٌ طويلٌ في السماءِ". وتفيد بعض كتب التاريخ أن جبل قارة كان هو المقصود باسم "المشقّر" الذي ورد قديماً عند المؤرِّخين والرحَّالة. فقد كتب العلَّامة حمد الجاسر في كتابه "المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية - المنطقة الشرقية - القسم الرابع" أن المؤرِّخين اختلفوا في موضع المُشقّر، فقيل "إنه موضع في الحجاز، ووادٍ في أجأ أحد جبلي طيء، وحصن في البحرين، وهذا أشهرها". ويتحدَّث الجاسر عن اختلاف المؤرِّخين في موقع المُشقّر ، فهناك من يَعُده سوقاً في الطائف، وحصناً بين نجران والبحرين، ويذكر في معجمه: "إذا أجملنا أرض البحرين وهي أرض المُشقّر، فهي هجر مدينتها العظمى والعقير والقطيف والأحساء، ومحلّم نهرهم".
وهذا ما توصَّل إليه الباحث عبد الخالق الجنبي في بحث تاريخي صدر في كتاب عام 2004م بعنوان "هَجر وقصباتها الثلاث، المُشقّر - الصفا - محلّم". حيث يؤكد الجنبي أن القارة سميّت بهذا الاسم لأن جنوبها يلتصق بتلّ كبير الحجم، غريب الشكل والتكوين ذي كهوف متفاوتة الحجم، وفوقه صخرة كبيرة منحوتة بشكل عجيب: إنها ثلاثة رؤوس، أحدها متجه إلى الجنوب وهو يشبه رأس امرأة، وآخر متجه نحو الشمال، وهو يشبه رأس رجل، أما الثالث فهو الوسط بينهما ويشبه رأس أسد في منظره، وهذا الجبل ما زال يُعرف حتى اليوم باسم جبل "رأس القارة" وهو الذي عناه الجغرافيون العرب، وأن حصن المُشقّر هو نفسه هذا التلّ العجيب التكوين، وهو تكوين إلهي، ولا يد للإنسان في تكوينه كما يقول الجنبي في كتابه. وجاء ذكر المشقّر أيضاً في الجزء الرابع من "معجم ما استعجم" لأبي عبيد البكري: "قال ابن الأعرابي المُشقّر: مدينة عظيمة قديمة، في وسطها قلعة، على قارة تسمى عطالة، وفي أعلاها بئر تثقب القارة، حتى تنتهي إلى الأرض، وتذهب في الأرض. وماء هجر يتحلب إلى هذه البئر في زيادتها". ومن تاريخ الجبل الأحدث من ذلك، يروي المعمّرون أن مغارات قارة كانت قديماً موضعاً للتعليم قبل ظهور التعليم النظامي.