وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أنَّ الله جل وعلا فوق سماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه يَنْزل إليه، إذ محال في لغة العرب أن يقول: نزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم في الخطاب أنَّ النُّزول من أعلى إلى أسفل). وقال أبو القاســم اللالكائـي: (سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب تبارك وتعالى، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم عشرون نفساً).
اختلف علماء الفيزياء الفلكية في طبيعة ومصدر الأجسام السماوية التي حملت الماء المتجمد إلى الأرض غير أنهم يتفقون في أنّ هذه الأجسام ( سواء كانت شُهبا أم مذنبات) قد غاصت في طبقة القشرة الأرضية بفعل ظاهرة الارتطام الهائل مع السطح الأرضي محررةً بذلك كميات الجليد التي كانت تحملها، وما إن تحررت حتى تحولت بفعل الحرارة العالية جدًا إلى بخار، ثم لعب الغلاف الجوي دورًا مهما في الحفاظ على هذا البخار والحيلولة دون تسرُبه إلى الفضاء الخارجي.
وقيل: دحاها: حرثها وشقها. قاله ابن زيد. وقيل: دحاها مهدها للأقوات. والمعنى متقارب وقراءة العامة ( والأرض) بالنصب ، أي دحا الأرض. وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون ( والأرض) بالرفع ، على الابتداء; لرجوع الهاء. ويقال: دحا يدحو دحوا ودحى يدحى دحيا; كقولهم: طغى يطغى ويطغو ، وطغي يطغى ، ومحا يمحو ويمحى ، ولحى العود يلحى ويلحو ، فمن قال: يدحو قال دحوت ومن قال يدحى قال دحيت. والأرض بعد ذلك دحاها تفسير الجلالين. ﴿ تفسير الطبري ﴾ وقوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) اختلف أهل التأويل في معنى قوله ( بَعْدَ ذَلكَ) فقال بعضهم: دُحِيت الأرض من بعد خَلق السماء. * ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله حيث ذكر خلق الأرض قبل السماء، ثم ذكر السماء قبل الأرض، وذلك أن الله خَلق الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسوّاهنّ سبع سماوات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فذلك قوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا). حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) يعني: أن الله خلق السماوات والأرض، فلما فرغ من السماوات قبل أن يخلق أقوات الأرض فيها بعد خلق السماء، وأرسى الجبال، يعني بذلك دحْوَها الأقوات، ولم تكن تصلح أقوات الأرض ونباتها إلا بالليل والنهار، فذلك قوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) ألم تسمع أنه قال: ( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا).
تنبيه آخر. والأرض بعد ذلك دحاها تفسير. إذا كان علماء الإسلام يثبتون كروية الأرض ، فماذا يقولون في قوله تعالى: أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت إلى قوله وإلى الأرض كيف سطحت [ 88 \ 17 - 20]. وجوابهم كجوابهم على قوله تعالى: حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة [ 18 \ 86] ، أي في نظر العين; لأن الشمس تغرب عن أمة ، وتستمر في الأفق على أمة أخرى ، حتى تأتي مطلعها من الشرق في صبيحة اليوم الثاني ، ويكون بسط الأرض وتمهيدها ، نظرا لكل إقليم وجزء منها لسعتها وعظم جرمها. وهذا لا يتنافى مع حقيقة شكلها; فقد نرى الجبل الشاهق ، وإذا تسلقناه ووصلنا قمته وجدنا سطحا مستويا ، ووجدنا أمة بكامل لوازمها ، وقد لا يعلم بعض من فيه عن بقية العالم ، وهكذا. والله تعالى أعلم.
حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا يعقوب ، عن حفص ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: وضع البيت على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن بكر بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال: خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة ، ومنه دحيت الأرض.
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا (30) وقوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) اختلف أهل التأويل في معنى قوله ( بَعْدَ ذَلكَ) فقال بعضهم: دُحِيت الأرض من بعد خَلق السماء. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله حيث ذكر خلق الأرض قبل السماء، ثم ذكر السماء قبل الأرض، وذلك أن الله خَلق الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسوّاهنّ سبع سماوات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فذلك قوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا). تفسير قوله تعالى: والأرض بعد ذلك دحاها. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) يعني: أن الله خلق السماوات والأرض، فلما فرغ من السماوات قبل أن يخلق أقوات الأرض فيها بعد خلق السماء، وأرسى الجبال، يعني بذلك دحْوَها الأقوات، ولم تكن تصلح أقوات الأرض ونباتها إلا بالليل والنهار، فذلك قوله: ( وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) ألم تسمع أنه قال: ( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا). حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن حفص، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: وضع البيت على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام، ثم دُحيت الأرض من تحت البيت.