الفاجر في الخصومة -عباد الله- يسبق لسانه عقله وطيشه حلمه وظلمه عدله، لسانه بذيء وقلبه دنيء، يتلذذ بالتهم والتطاول والخروج عن المقصود. الفاجر في الخصومة يزيد على الحق مائة كذبة، وترونه كالذباب لا يقع إلا على المساوئ، ينظر بعين عداوة لو أنها عين الرضا لاستحسن ما استقبح، لا يعد محاسن الناس إلا ذنوبا. فيالله: كيف يعتذر من هذا الغر؟! ترونه آكالاً للأعراض همَّازًا مشاءً بنميم معتدياً أثيماً، له طبع كطبع الدود لا يقع على شيء إلا أفسده أو قذَّره. الفاجر في الخصومة -عباد الله- لا أمان له ولا ستر لديه، فيه طبع اللئام؛ فإن اختلفت معه في شيءٍ حقير كشف أسرارك وهتك أستارك وأظهر الماضي والحاضر. الفجور في الخصومة. فكم من صديقٍ كشف ستر صاحبه بسبب خلف محتقر، وكم من زوجة لم تُبقِ سرًّا لزوجها ولم تذر بسبب خلف على نقصان ملح في طعام أو كسوة أو نحو ذلك. ولما كان النفاق لؤماً صار الفجور في الخصومة ثلث هذا اللؤم؛ فيجمع دمامة طبع ولؤم لسان، وكذلك اللؤم تتبعه الدمامة. ليس العيب في مجرد الخصومة؛ إذ هي واقعٌ لا مناص منه في النفوس والعقول والأموال والأعراض والدين؛ إذ من ذا الذي سيرضى عنه الناس كلهم؟ ومن ذا الذي إذا رضي عنه كرام الناس لم يغضب عليه لئامهم؟ والعجب كل العجب -عباد الله- أن بعض الناس يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والزنا والظلم والسرقة وغير ذلكم ويصعب عليه التحفظ من لسانه.
• من أجل ذلك، كان السلف الكرام لا يتكلمون إلا فيما ينفعهم، ويحذرون من الفجور، وكل ما لا يعود عليهم بنفع في دينهم ودنياهم؛ يقول إبراهيم بن زيد التيمي: "المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر، فإن كان كلامه له تكلَّم، وإن كان عليه أمسك عنه، والفاجر إنما لسانه رسلًا رسلًا"؛ (الصمت لابن أبي الدنيا: 247). وبعد: فهذا آخر ما تيسر جمعه في هذه الرسالة. نسأل الله أن يكتب لها القبول، وأن يتقبلها منا بقبول حسن، كما أسأله سبحانه وتعالى أن ينفع بها مؤلفها وقارئها، ومن أعان على إخراجها ونشرها؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. هذا، وما كان فيها من صواب، فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بَرَاء، وهذا شأن أي عمل بشري، يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صوابًا، فادعُ لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثَمَّ خطأ، فاستغفر لي. وإن تجِدْ عيبًا فسُدَّ الخللا ♦♦♦ فجَلَّ مَن لا عيبَ فيه وعلا فاللهم اجعل عملي كله صالحًا، ولوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه نصيبًا. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا، والله تعالى أعلى وأعلم.
وكان نزار قباني اختار عبد الحليم لأداء هذه القصيدة بعد أن أرسلها له مباشرة وطلب منه تقديمها لعدم وجود مطرب غيره يمتلك الجرأة الكافية للخروج عن السائد والمألوف حينها. قبل عبد الحليم التحدي وقدم الأغنية في ربيع عام 1976 ودفع 5 آلاف جنيه لمحمد الموجي مقابل تلحينها الذي استغرق سنتين و3 آلاف دولار للشاعر نزار قباني و5 آلاف جنيه مصري قيمة مكالمات تلفونية أجراها مع نزار في لندن وبيروت ودبي من أجل تغيير كلمات في القصيدة، وهذا المبلغ كان كبيرا في ذلك الوقت. الأغنية مرت بأزمة كان من الممكن أن تقضى عليها في مهدها، إذ حدث احتباس في صوت محمد الموجي، فكانت هناك صعوبة في نقل اللحن إلى نوتات موسيقية، وعندما انتهى نقل النوتات، كان لا يزال على موعد الحفل 12 يوما فقط، وكان عبد الحليم يعتاد على إجراء البروفات في 45 يوما، فقرر إلغاء الحفل، لكنه تراجع بتأييد من صديقه مجدي العمروسي، وبعد أن حرص أعضاء الفرقة الماسية -وعلى رأسهم قائدها أحمد فؤاد حسن- على أن يعملوا 12 ساعة يوميا على التدريبات. ويقال إن عبد الحليم كان نادما على تقديمه لقارئة الفنجان بسبب مضمونها المتشائم وتنبؤها بمستقبل مظلم له، وفق رواية فنان الماكياج محمد عشوب، في البرنامج التلفزيوني "ممنوع من العرض".
قارئة الفنجان عبد الحليم حافظ 🌹🌹 - YouTube
وأعرب عبد الحليم خلال اللقاء عن استيائه من بعض الصحفيين المصريين الذين هاجموه بشدة بعد ما فعله في الحفل، مضيفا أنه "لا يذكر أنه قرأ في أي مجلة لبنانية أي كلمة سيئة عن فيروز أو وديع الصافي، بل على العكس كانوا يقدسوهم". ولم يوقف هذا اللقاء التلفزيوني الهجمة الإعلامية، وزادت معاناة عبد الحليم عندما سخر منه المونولوجست المصري سيد الملاح عندما قلده بشكل مهين على الهواء مباشرة، وأخبر الناس أن عبد الحليم صار عدوهم ويريد تأديبهم، فصفق الناس له بحرارة، وهو ما صدم عبد الحليم الذي رأى أن ما قدمه طوال ربع قرن ذهب هباء. من يقف وراء ذلك؟ عبد الحليم لم يصدق أن جمهوره يمكن أن يخرب ويفسد حفله، وتخيل أن المطربة وردة الجزائرية وزوجها الملحن بليغ حمدي يقفان وراء ذلك بدافع التنافس. الفنانة نجوى فؤاد أكدت في بعض البرامج أن عبد الحليم بكى بسبب بليغ ووردة وأن بليغ أرسل عددا من الأشخاص لإفساد حفل قارئة الفنجان إرضاء لوردة. وحول حقيقة هذه المعلومة قال الملحن الموجي الصغير الذي رحل مؤخرا -وهو ابن الموسيقار الكبير محمد الموجي رفيق عمر العندليب- "سمعت عبد الحليم حافظ بيقول إن بليغ ووردة هما اللى بعتوا الناس اللى صفروا علشان يبوظوا الحفلة"، بسبب رفض حليم لحنا أعده بليغ " هو اللي اختار"، وطلب تعديلات عليه، ورفض بليغ إجراء التعديلات، فقرر عبد الحليم غناء أغنية قارئة الفنجان التي لحنها الموسيقار محمد الموجي.
نعود لقصة «قارئة الفنجان» فهي وفقاً لأكثر من مصدر حكاية حقيقية مثلت لعبدالحليم ألماً وجرحاً غائراً رغم نجاحه الباهر في إلقائها في آخر حفل له في ربيع 1976 وإن كان بعض الجمهور الحاضر حاول التشويش عليه مما تسبب في حزنه من تصرف القلة.. وقارئة الفنجان عادة معروفة حتى يومنا الراهن خاصة في مصر، وتجد كثير من السيدات اللواتي يدعين قدرتهن على قراءة ما يحويه الفنجان من طالع ومستقبل ويصدقهم الكثير من المصريين، وبخلاف الفنجان يوجد أيضا قراءة الودع أو «وشوشة الودع» وتقوم بهذه المهمة أيضا نسوة ينتمين الى مجتمع الغجر وهن فئة قليلة في مصر. أما قارئة فنجان عبد الحليم فهي السيدة السودانية «مرجانة» التي صادفها يوماً وتنبأت له بنجاحه وشهرته الى أن تقربت إليه وقرأت له فنجانه ذات يوم ولكن هذه المرة امتنعت عن الكلام خوفاً على مشاعره، وعندما ألح عليها في الكلام وقراءة ما به أفصحت له عن رحلة مرضه الشديدة وموته وعدم الاقتران بحب عمره. ورغم أن الحوار أحزنه للغاية إلا أنه أصر على سرد ما جاء بالفنجان لصديقه نزار قباني خلال إحدى زياراته للندن وطلب منه كتابة قصيدة بهذا المعنى يحكي فيها قصة حبه الضائع، وكان نزار على علم بقصة حبه للفنانة سعاد حسني، حيث يتردد أنه طلب منها الابتعاد عن عبد الحليم حتى لا تؤذيه باقترانه بها تجنباً لشرور أحد المسؤولين النافذين في ذاك الوقت، وفعلاً قيل عقب واقعة انتحار سعاد حسني أن هذا المسؤول الكبير كان وراء مقتلها في لندن وليس كما قيل انتحاراً، عقب معرفته بفحوى مذكراتها التي أفضت بها الى أحد الصحفيين ولم تكن تعلم أنه يتعامل مع الأجهزة الأمنية وقد أبلغهم فحوى مذكراتها.
وأعطى بليغ اللحن لهاني شاكر فيما بعد. ونفت وردة الجزائرية هذه الاتهامات خلال استضافتها في أحد البرامج التلفزيونية قبل رحيلها عام 2012، وأكدت أن صداقتها لعبد الحليم كانت قوية حتى وفاته رغم التنافس الفني بينهما. وهناك تقارير تحدثت أن وزير الاعلام المصري الأسبق صفوت الشريف هو الذي وقف وراء تخريب الحفل بسبب علاقة عبد الحليم القوية بسعاد حسني وتهديدات صفوت لها على خلفية الحكاية القديمة الخاصة بعمل سعاد في جهاز المخابرات. وكان صفوت يخشى أن يحكي حليم للرئيس المصري أنور السادات هذه الحكاية والمضايقات التي تتعرض لها، فسعى إلى إرسال تهديد له عبر حادثة قارئة الفنجان. الموسيقار هاني مهنا الذي عزف الأورج في حفل قارئة الفنجان وكان شاهدا على ما حدث سرد رواية أخرى، وهي أن مذيعا فرنسيا أجرى حوارا مع حليم أثناء زيارة لباريس، وقال له إن التصفير في الغرب يعني الاستهجان وعدم قبول الأغنية وليس الاستحسان كما في العالم العربي، فتذكر العندليب ذلك عندما قابله الجمهور بالتصفير فغضب وفقد أعصابه ورد عليهم بهذه الطريقة. توجس من الأغنية كانت الغيبيات تحظى باهتمام كبير من عبد الحليم رغم إيمانه القوي والشديد بالله بسبب حالته الصحية المتدهورة، فارتبط بالعديد من العرافات كان آخرهن عرافة فرنسية شهيرة تعرف عليها أثناء رحلته العلاجية إلى فرنسا، وتشاء الصدف أن تكون قارئة آخر أعماله الفنية.
الرئيسية فنون موسيقى 04:17 م الأربعاء 30 مارس 2022 عرض 4 صورة كتب-مصطفى حمزة: حرص المطرب التونسي صابر الرباعي، على الاحتفال بالذكرى 45 لرحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، والتي تحل اليوم الأربعاء 30 مارس. الرباعي، نشر عبر صفحته في موقع فيسبوك، مقطع فيديو، وهو يقدم أغنية "أهواك"، وكتب: "في ذكرى وفاة العملاق عبد الحليم حافظ.. ستظل خالداً في ذاكرتنا الى الابد". العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، رحل عن عالمنا في 30 مارس 1977 عن عمر يناهز السابعة والأربعين عاماً.