تاريخ النشر: الأحد 15 ربيع الآخر 1424 هـ - 15-6-2003 م التقييم: رقم الفتوى: 33328 96704 0 405 السؤال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل النار عين بكت من خشية الله، فهل من يبكي من خشية الله لا يدخل النار حتى وهو يفعل بعض المعاصي؟ وجزاكم الله ألف خير. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد روى الترمذي وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله. وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه. وروى أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حُرمت النار على عين بكت من خشية الله. وللحديث شواهد عند الترمذي وأبي يعلى، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وهي تدل على أن من بكى من خشية الله فقد حرمه سبحانه على النار، ولا مانع من حمل الحديث على ظاهره، ففضل الله واسع يوتيه من يشاء وهو سبحانه جواد كريم، وقد ذكر العلماء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: عين بكت... عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله. أن هذه هي مرتبة المجاهدين للنفس التائبين من المعاصي، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: باتت تحرس.. أن هذه مرتبة المجاهدين في العبادة لأنها قد تكون للحج أو العلم أو الجهاد، وانظر مثلاً تحفة الأحوذي.
وعلى معنى الجهاد يقول الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "لأن أبيت حارساً خائفاً في سبيل الله أحب إلي من أن أتصدق بمائة راحلة". ونختم بلطيفة ذكرها الإمام المناوي في "فيض القدير"، حيث قال: "سوّى بين العين الباكية والحارسة؛ لاستوائهما في سهر الليل لله، فالباكية بكت في جوف الليل خوفاً لله، والحارسة سهرت خوفاً على دين الله"، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الباكين من خشيته، وأن يوفقنا لنكون من الحرّاس في سبيله.
أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله للمجاهدين في سبيل الله، ولم يذكر الشهادة هنا، فدل ذلك على أن هذه المراتب ليست مراتب الشهداء، وإنما مراتب ودرجات المجاهدين، ولو ماتوا على فرشهم، وهذا التقييد ضروري لا بدّ منه، وهو قوله: للمجاهدين في سبيل الله فكل قتال ليس في سبيل الله، ولا لإعلاء كلمة الله، لأي غاية من الغايات فليس في سبيل الله، والذين يتساقطون فيه ليسوا شهداء، ولا يجوز أن يطلق عليهم الشهداء، فهذه قضايا شرعية يجب أن تضبط. ثم ذكر حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال: من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولاً؛ وجبت له الجنة فعجب لها أبو سعيد فقال: أعدها عليّ يا رسول الله، فأعادها عليه، ثم قال: وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله [3] رواه مسلم. حديث عينان لا تمسهما النار. فقوله ﷺ: من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولاً؛ وجبت له الجنة [4]. من رضي بالله ربًا رضي به ربًا هذا يقتضي أنه يرضى بأحكامه الشرعية، وأحكامه الكونية والقدرية، وأنه لا ينازع الله -تبارك وتعالى- بشيء من ذلك، فإن من معاني الرب الذي يدبر الأمور ويعطي ويمنع ويرزق، فلا يكون العبد متسخطًا على ربه، معترضًا على أحكامه، وبالإسلام دينًا يعني: أنه يسلم وجهه لله -تبارك وتعالى-، ويرضى بدينه الإسلام دينًا يدين به، فلا يبحث عن الهدى في غيره من الأديان أو مقالات الناس، وما إلى ذلك مما يستجلب من هنا وهناك، أو يتشكك في هذا الدين ويضطرب سيره في سلوك الصراط المستقيم.