لم يستجيب القوم له، ووصفوا دعوته بالضلال، فقالوا: "إنا لنراك في ضلال مبين" [3] ، ليس هذا فحسب، بل أصروا على كفرهم وشركهم، "وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا". [4] مكث نوح عليه السلام في دعوة قومه ما يقرب الألف سنة، بيد أن قومه لم يستجيبوا لندائه، ولم يلبوا دعوته، حتى أخبره سبحانه: "وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون". [5] لما لم تنفع معهم أساليب الدعوة كافة، أغرقهم الله سبحانه، وجعلهم عبرة لمن يعتبر، كما قال تعالى: "إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين".
أهلا ومرحباً بك السائل الكريم، لم يرد بنصوص صريحة أين كان يعيش سيدنا نوح -عليه السلام- قبل الطوفان، ولم يرد أيضاً أين عاش بعده، ولكن سنذكر لك بعض من آراء العلماء واجتهاداتهم في ذلك فيما يأتي: قيل إنه ذهب إلى بابل، وأنه كان أوّل من يقوم ببنائها والسكن فيها. وذهب علماء آخرون إلى أنه ذهب لتركيا. وقيل إنه ذهب للكوفة. وقال آخرون أنه قد يكون اتّجه بالسفينة نحو الهند. وأخبر بعضهم أنه استقر في دمشق بعد الطوفان. اين عاش سيدنا نوح بعد الطوفان 26. وما نريد إخبارك إياه السائل الكريم هو عدم وجود أية أهمية لمثل هذه المعلومات التفصيلية الدقيقة، فلو أنّ لنا بها حكمة أو يوجد منها أي فائدة، لذكرها الله -تعالى- في كتابه الكريم مع باقي الأحداث التي حصلت، أو لقالها رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فلا تشغل نفسك بالتفكير فيما لم يتم ذكر نصوص صريحة فيه.
بناء سفينة سيدنا نوح وسيلة النجاة لكل من نبي الله نوح ومن أمن معه من قومه وقد استمر سيدنا نوح في دعوة قومه 950 عام ولكنهم ازدادوا ظلماً وبطشاً وتكبروا وحذرهم المولى عز وجل بالعذاب الأليم، وأمر نبيه عليه السلام ببناء السفينة وأن يحمل عليها من كل زوجين اثنين إلى جانب من أمن من عائلته وسط استهزاء وسخرية من قومه ووصل بهم الأمر إلى ضرب النبي نوح فسالت دمائه، ولكنه أصر على استكمال ما أمره به ربه فصنع السفينة على ثلاثة أجزاء العلوي للطير والأوسط للناس والسفلي للحيوانات. وانتهى من بناءها بعد 80 عام من العمل الشاق ومع العمل في البناء كان يدعوا قومه ويصر عليهم ولكن دون جدوى، وبدأ يحمل الناس على السفينة حينما فار التنور كما أمره ربه في اليوم الموعود الذي أرسل فيه الله سبحانه وتعالي الطوفان والأمطار التي نزلت من السماء دون أن تتوقف فابتلعت باقي القوم ممن لا يؤمنوا بالله وهم منازلهم ومن نجا من الطوفان هم من أمنوا وركبوا السفينة.
ذات صلة أين رست سفينة نوح أين استقرت سفينة نوح مكان إرساء سفينة نوح ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم اسم الجبل الذي استقرّت عليه سفينة نوح بعد الطوفان الذي أهلك فيه الكافرين ، حيث قال: (وَغيضَ الماءُ وَقُضِيَ الأَمرُ وَاستَوَت عَلَى الجودِيِّ) ، [١] فكان الجبل الذي استقرّت عليه السفينة يُدعى الجوديّ، ويُخبر أهل العلم أنّ هذا الجبل يقع في الوقت الحالي في منطقةٍ حدوديّةٍ بين العراق وتركيا وسوريا، ويتبع لدولة تركيا، وذكر بعض علماء المسلمين أنّ نفراً منهم قد رأوا شيئاً من آثار سفينة نوح عليه السلام، لكنّه لا يُعرف مكانها الآن، أو هل بقيت أم لا إلى الوقت الحاضر. [٢] قصة نوح عليه السلام مع قومه نوحٌ -عليه السلام- هو نبيٌّ مرسلٌ من الله -تعالى- جاء من نسل النبيّ آدم عليه السلام، وقد عاش بعد آدم بعشرة قرونٍ كما أورد ذلك ابن حِبّان في صحيحه، وقد أرسل الله -تعالى- نوحاً إلى قومه لمّا ساد فيهم الشرك بالله تعالى، فقد مكث الناس على التوحيد فترةً من الزمن، ثمّ عاش بينهم رجالٌ عُرفوا بصلاحهم على من غيرهم، فلمّا مات أولئك الصالحون بنى لهم القوم تماثيل ومناصب تُذكّرهم بها، ولم يزل القوم يتقرّبون من هذه المناصب والتماثيل حتى عبدوها من دون الله، فأرسل الله -تعالى- نبيّه نوحاً يُرجعهم ويُرشدهم إلى طريق التوحيد.
وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الفترة الزمنية بين أبونا أدم عليه السلام وبين سيدنا نوح عليه السلام تقدر بعشرة قرون، وكان الخلق خلال هذه الفترة يدينون بالإسلام ولكن تغير الحال وظهرت عبادة الأوثان والأصنام بسبب وفاة رجال صالحين من قوم نوح وصنع لهم الناس أصناماً عبدوها من دون الله وكان لكل طائفة من قوم نوح تمثالاً مجسداً لا يعبدون غيره. مكانة سيدنا نوح تعد قصته من أشهر القصص الواردة في القرآن الكريم وفي كل الكتب السماوية الخاصة بالمعتقدات والديانات الأخرى فلا يوجد مسلم أو مسيحي أو يهودي لا يعرف نبي الله نوح، وربما زادت على قصته بعض الخرافات والأقاويل الساذجة والتي غيرت من الواقع ولكن الخلاصة والقول الحق هو ما وجد في القرآن الكريم الذي يقول أن نوح دعا قومه لعبادة المولى عز وجل ولكنهم قوم شداد أقوياء سخروا منه رغم أنه حذرهم من العذاب الشديد، إلى أن أمنت قلة قليلة من قومه وهم من كانوا معه عل السفينة. ومن السور التي وردت فيها قصة سيدنا نوح سورة أل عمران والتوبة والمؤمنون والشورى والتحريم والشعراء وغافر والصافات حيث بلغ عدد مرات ذكر النبي نوح في القرآن حوالي 40 مرة وهذا يدل على قدر النبي ومكانته وأهمية قصته.