- وهناك بعض الأمور التي يمكن للمسلم أن يشكر ربه على هذه النعم نذكر منها: أن يشكر الله على نعمة الصحة بأن يحافظ عليها من المعاصي. أن يستعمل بدنه في طاعة الله تعالى وأن يتجنب المعاصي والآثام ويكون ذلك بتأدية الصلوات الخمسة بكامل أركانها وصوم رمضان وحج البيت والاعتمار وغيرها من العبادات. أن يكسب الرزق الحلال المبارك وأن يبتعد عن مال الحرام. أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. أن يشكر الله تعالى بالدعاء لما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه ( "يا معاذُ واللهِ إني لَأُحبُّك" وقال "أوصيك يا معاذُ لا تدَعَنَّ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ أن تقول: اللهمَّ أَعِنِّي على ذِكرِك وشكرِك، وحُسنِ عبادتِك) اسناده صحيح. وأن يحمد الله تعالى على كل شيء فإن الحمد لله تدل على الرضا وشكر النعم. الإكثار من الصدقة: لأنها تعد من أوجه شكر الله تعالى، وبها ينال العبد رضا الله تعالى والأجر والثواب فينبغي على المسلم الذي من الله عليه تعالى بكامل الصحة أن ينظر إلى المرضى ويعرف قيمة النعم العظيمة التي أنعم الله تعالى عليه بها. وسترى نعمة القوة والصحة والعافية التي أنعم الله عليك وقد متعك بالقوة والرفاهية والصحة.
وأما أهل الكفر والضلال فمصيرهم إلى دار الهون … إلى عذاب شديد وإلى جحيم وزقوم في دار دائمة؛ لا ينتهي عذابها، ولا يموت أهلها، كما قال الله -سبحانه-: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}فاطر: 36 فمن فكر في هذا الأمر وعرف نعمة الله عليه فإن الواجب عليه أن يشكر هذه النعمة بالثبات عليها، وسؤال الله -سبحانه- أن يوفقه للاستمرار عليها حتى الموت، والحفاظ عليها بطاعة الله، وترك معصيته، والتعوذ بالله من أسباب الضلال والفتن ومن أسباب زوال النعم. وهناك نعم أخرى غير نعمة الإسلام كالصحة والعافية وغير ذلك من نعم الله -عز وجل- الكثيرة كالأمن في الوطن والأهل والمال، فيجب على العبد شكرها. وحقيقة الشكر أن تقابل نعم الله بالإيمان به وبرسله، ومحبته -عز وجل-، والاعتراف بإنعامه، وشكره على ذلك بالقول الصالح، والثناء الحسن، والمحبة للمنعم، وخوفه ورجائه، والشوق إليه، والدعوة إلى سبيله والقيام بحقه. ومن الإيمان بالله ورسله الإيمان بأفضلهم وإمامهم نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- والتمسك بشريعته. فمن شكر الله أن تؤمن بالله إلهاً ومعبوداً حقاً وأنه الخلاق والرزاق العليم، وأنه المستحق لأن يعبد وحده، وتؤمن بأنه رب العالمين، وأنه لا إله غيره ولا معبود بحق سواه، وتؤمن بأسمائه وصفاته -عز وجل- وأنه كامل في ذاته وأسمائه وصفاته، لا شريك له ولا شبيه له، ولا يقاس بخلق -جل وعلا- كما قال تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}الشورى: 11 وقال تعالى: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
[١] الوسائل المساعدة على شكر الله نذكر منها: [٢] الدعاء ، وهو وصية النبي عليه الصلاة والسلام، فيدعو المسلمُ الله تعالى بأن يُيسِّرَ له شكرَه في كلّ حال. استحضارُ العبد غنى الله المطلق، وقدرتَه، وكمالَه، ورحمتَه، ولطفَه بعباده، وحلمَه عليهم، وإنعامَه عليهم، وجودَه بالنّعم على الرغم من تقصيرهم. التفكّرُ في نعم الله تعالى التي لا يستطيع العبد أن يحصيَها، كالإيمان ، والسلامة، والأمن، والصّحة في البدن، والسلامة في المال، ونعمة الأهل والولد، والتفكر في عدم قدرته على أداء حق الله تعالى، وعجزه وغفلته عن ذلك، فما لذلك سبيل سوى الاجتهاد في الشكر. التفكرُ في موقفه بين يدي الله تعالى، وعظم السؤال الذي سيسأله. ثمرات الشكر الشّكر صفة من صفات المؤمنين، وهي من أسباب نيل رضى الرّب تبارك وتعالى، وأمان للعبد من العذاب، وسبب لزيادة النعم، وللأجر العظيم في الآخرة، قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ). [٣] [٤] المراجع ↑ "كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه" ، الإسلام سؤال وجواب ، 1-12-2008، اطّلع عليه بتاريخ 8-9-2018. بتصرّف. ↑ خالد بن سعود البليهد، "شكرُ الله تعالى" ، صيد الفوائد ، اطّلع عليه بتاريخ 8-9-2018.
– الثناء على الله باللسان. – العمل بالجوارح بما يرضي المنعم. نسأ الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يلهمنا ذكره وشكره وحسن عبادته، قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة إن ربي كان غفوراً رحيماً. الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه ربه رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فالشكر لله سبب للمزيد من النعم كما قال سبحانه: { وَإِذْ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}إبراهيم: 7 ومعنى تأذن: يعني أعلم عباده بذلك وأخبرهم أنهم إن شكروا زادهم وإن كفروا فعذابه شديد ( 1) ، ومن عذابه أن يسلبهم النعمة، ويعاجلهم بالعقوبة فيجعل بعد الصحة المرض، وبعد الخصب الجدب، وبعد الأمن الخوف، وبعد الإسلام الكفر بالله -عز وجل-، وبعد الطاعة المعصية. فمن شكر الله -عز وجل- أن تستقيم على أمره وتحافظ على شكره حتى يزيدك من نعمه، فإذا أبيت إلا كفران نعمه ومعصية أمره فإنك تتعرض بذلك لعذابه وغضبه، في الدنيا والآخرة. ومن عذابه في الدنيا: سلب النعم كما قال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}، فكفران النعم هو سبب زوالها وتحولها: يقول الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: إِذا كنتَ في نعمةٍ فارعَها … فإِن المعاصي تزيلُ النعمْ وحافظْ عليها بتقوى الإِلهِ … فإِن الإِلهَ سريعُ النقـم ( 2) وأكثر الناس يتمتع بنعم الله ويتقلب فيها ولكنهم لا يشكرونها؛ بل هم ساهون لاهون غافلون كما قال تعالى: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ}، وقد قال الله -تعالى- إن الذين يشكرونه هم قليل { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}سورة: 13.
زمن القراءة ~ 5 دقيقة عظمت نعم رب العالمين، وصغرت أعمال العبد في مقابلها؛ والشكر هو المقتضَى لتدبر النعم ومعرفة المنعم. ولا بد فيه من العمل، مع امتنان القلب وثناء اللسان. مقدمة جعل تعالى الشكر قسيما للكفر، فجعل الإيمان به شكرا له ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ (الانسان: 3) ، وجعل تعالى الشكور من عباده قليلا؛ إذ الشكر يستلزم العمل، والشكور عامل بطاعة ربه على وجه الشكر والامتنان. وجعل تعالى فحوى الحكمة ومغزاها هو شكر رب العالمين ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ (لقمان: 12) وإذا جمع العبدُ الصبر مع الشكر فقِه آيات ربه ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ (الشورى: 33) ومن عرف النعم ورآها استصغر نفسه وعمله، واندفع صاغرا ذليلا لربه تعالى فكان الإيمان، والإيمان أداء للشكر، وفروعه فروع للشكر. ولما كان كذلك كان اهتمام العلماء والعُباد بموجبات الشكر ولزومه ومظاهره، والحث عليه. وفي هذا المقال نورد قطوفا من كلام صفوة الأمة للتذكير بعبودية الشكر ومَقامه.. راجين أن يُترجم في واقع وعمل، ويدفع لمواقف وجهد يُبذل لله تعالى.
ومن الشكر بالقلب لله أيضاً محبة المؤمنين والمرسلين وتصديقهم فيما جاءوا به، ولا سيما نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة، كما قال سبحانه: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}النحل: 36، ومن الشكر بالقلب أيضاً أن تعتقد جازماً أن العبادة حق لله وحده ولا يستحقها أحد سواه. ومن الشكر لله بالقلب الخوف من الله ورجاؤه ومحبته، حباً يحملك على أداء حقه وترك معصيته، وأن تدعو إلى سبيله، وتستقيم على ذلك. ومن ذلك الإخلاص له والإكثار من التسبيح والتحميد والتكبير. ومن الشكر أيضاً الثناء باللسان وتكرار النطق بنعم الله، والتحدث بها، والثناء على الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الشكر يكون باللسان والقلب والعمل. والشكر بالعمل.. بعمل الجوارح والقلب؛ ومن عمل الجوارح: أداء الفرائض والمحافظة عليها، كالصلاة والصيام والزكاة وحج بيت الله الحرام والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، كما قال تعالى: { انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} الآيةالتوبة: 41. إذاً شكر النعمة يكون له ثلاثة أركان: – الاعتراف بها في القلب.
«عدة الصابرين» (ص176). ثياب بالية، يقصد أنه لبسها تواضعا لله تعالى. «عدة الصابرين» (ص172). «عدة الصابرين» (ص184). الشكر لابن أبي الدنيا المجلد الأول، ص18. اقرأ أيضا: فوائد مستنبطة من سورة التكاثر.. بدايـة الطّريــق يحسب أن ماله أخلده من قيم الإيمان