وفي ذلك سمعت ملائكة الرحمن تسبيح يونس، فقالوا الله الرحمن الرحيم "ربنا إنا نسمع صوت ضعيف في أرض غريبة"، فرد الله عزوجل عليهم "إنه عبدي يونس، قد عصاني فحبستهُ في بطن الحوت في البحر"، فأكملت الملائكة حديثها قائلة "العبد الصالح الذي كان يصعد لهُ في كل يوم وليلة عمل صالح؟، فأجاب الله عزوجل نعم، فقامت الملائكة بالشفاع لهُ عند الرحمن، وطلبوا من الله أن يغفر لهُ ويعفوا عنهُ، فقام رب العالمين بتوجيهِ أمر للحوت ببقذف يونس في الساحل، وهكذا نجا يونس من بطن الحوت. فضل قصة يونس والدروس المستفادة منها: عدم الاستعجال والصبر على قضاء الله، وعدم اتخاذ قرارات دون تفكير فيها، حيث قال المولى عزل وجل، "وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ" أيضا رسالة بعدم الغضب والتفكير السليم، وعلى المسلم الداعى الى ربّه أن يكون صبوراً، وطويل النفس، ليصل إلى هدفه والوصول الى دعوته. فضل التسبيح من أهم الرسائل التي سعى المولى عزل وجل إلى توصيلها الى البشر، فتسبيح يونس في بطن الحوت نجا به من الهَلْاك، فالتسبيح من أكثر الأشياء التي دعا إليها الدين الإسلامي من أجل النجاة وأيضا ازدياد الرزق.
وظل ذو النون -يونس عليه السلام- ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد. وجاء يوم عليه فأحس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيام. ولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس. ولكن المفهوم أنهم كانوا في بقعة قريبة من البحر. وقال أهل التفسير: بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل (نينوى) من أرض الموصل. قصة يونس عليه السلام مختصرة. فقاده الغضب إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة مشحونة. ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم. فلما خرج من قريته، وتأكد أهل القرية من نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات. وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون. وقد آمنوا أجمعين. فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم. أمر السفينة: أما السفينة التي ركبها يونس، فقد هاج بها البحر، وارتفع من حولها الموج. وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة. وأنه لا بد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق.
فاقترعوا على من يلقونه من السفينة. فخرج سهم يونس -وكان معروفاً عندهم بالصلاح- فأعادوا القرعة، فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة، ولكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه في البحر -أو ألقى هو نفسه. فالتقمه الحوت لأنه تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها, وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له. وأحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر له عظما. واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس في بطن الحوت، فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء. ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام، ومنهم من قال سبعة. يونس في بطن الحوت: عندما أحس بالضيق في بطن الحوت، في الظلمات -ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل- سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين. وقال: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فسمع الله دعاءه واستجاب له. فلفظه الحوت. دعاء سيدنا يونس - مقال. (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون). وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطىء. وأنبت الله عليه شجرة القرع. قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه حِكَم جمة. منها أن ورقه في غاية النعومة وكثير وظليل ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نياً ومطبوخاً، وبقشره وببزره أيضاً.
أوحى الله إلى حوت في البحر أن التقمه وابتلعه، ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما، فإذا بيونس عليه السلام في بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر.. ظن أنه قد مات، فإذا به يتحرك داخل بطن الحوت، فلما علم أنه مازال حيا سجد لله عز وجل في بطن الحوت، وظل يذكر الله لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فأمر الله تعالى الحوت فلفظه من جوفه، وأنبت الله له شجرة من يقطين، وجاءت غزالة فسقته من لبنها، فلما عاد إلى حال الصحة تذكر قومه وكفرهم فضاق صدره، فأوحى الله إليه: يضيق صدرك على مئة ألف رجل يوحدونني ويعبدونني؟ فقال: {أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} ، فأمره الله تعالى أن يتوجه إلى نينوى لأن أهلها أحبوا أن يروه، فسار يونس ذلك اليوم إلى قومه.
من هو النبي ذو النون ، سؤال قد يسأل عنه الكثير من المسلمين، فذي النون هو أحد الأنبياء الذي ذكروا في القرآن الكريم ، وقد ذكر لقب هذا اللقب في القرآن الكريم في سورة الأنبياء، وجاءت تسميت هذا النبي بلقب ذي النون لسبب سنذكره في المقال، وقد ارسله الله تعالى ليدعوا إلى التوحيد حاله حال جميع الأنبياء من قبله ومن بعده.
ثالثها: أنه أحب إلى الله تعالى من كل ما يدعو به العبد أيها المسلمون فبالعافية تندفع عنك الأسقام ، ويقيك الله شرها ،ويرفعها عنك إن وقعت بك، فلولا العافية لتكدَّرَت الحياة، ولَما استقامَت ، ولفسَدَت، وتأمَّل معي في مُعاتبة النبيِّ عليه الصلاة والسلام لهذا المبتلى ، فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَادَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ ». قَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَقُولُ اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سُبْحَانَ اللَّهِ لاَ تُطِيقُهُ – أَوْ لاَ تَسْتَطِيعُهُ – أَفَلاَ قُلْتَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ». خطبة عن حديث ( سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. قَالَ فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ. وخرج الحجَّاج للصيد يوما فقال لأصحابه: هلمُّوا بضيفٍ نطعمه معنا، فأتَوا له بأعرابي، فجلَس معه على الطَّعام، فقال الحجَّاج: ما أطيَبَ الطَّعام!
فهذا الرجل أراد أن يستعجل عذاب الآخرة، سائلا الله أن يعجل له في الدنيا ماله من العذاب في الآخرة فضعف وهزل جسمه حتى أصبح مثل العصفور الصغير، فعاتبه النبي -صلى الله عليه وسلم -على ذلك، وأخبره بأنه كان يسعه أن يقول: " اللهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " فدعا بهذا فشفاه الله وعافاه. فهذا الإنسان الضعيف الذي قد تخدعه بعض لحظات الصفاء فيتمنى لو طهره الله من الذنوب في الدنيا فيعجل له البلاء والعقوبة، وهيهات أن يكون تمني البلاء مما يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.. بل باب التوبة والعافية خير وأبقى، هذا فضلاً على أن المرء لا يعلم مآل أمره إذا تمنى البلاء هل يصبر أو يضعف. بل إن تمنى البلاء فيه من صورة الإعجاب بالنفس والاتكال على القوة والوثوق بها وترك الاستعانة بالله تعالى، فنسأل الله العافية والسلامة التي لا يعدلها شيء. وقال صلى الله عليه وسلم في دعائه يوم الطائف: «إن لم يكن بك على غضب فلا أبالى، غير أن عافيتك أوسع لي» فلاذ بعافيته. كما استعاذ بها في قوله صلى الله عليه وسلم: «أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك» وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول: "لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر" قال ابن القيم: وقوله: " وعافني فيمن عافيت " إنما يسأل ربه العافية المطلقة ، وهي العافية من الكفر والفسوق والعصيان، والغفلة والإعراض، وفعل ما لا يحبه، وترك ما يحبه ؛ فهذا حقيقة العافية ، ولهذا ما سئل الرب شيئا أحب إليه من العافية لأنها كلمة جامعة للتخلص من الشر كله وأسبابه " "شفاء العليل" (ص111) 3- اللهم استر عوراتي: والعورة هي كل ما يخشى العبد أن يطلع عليه الناس، ويستحي أن يعلموه من حاله.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء بالعافية سبيل الفلاح والنجاح، والفوز بالجنة والنجاة من النار، ولذلك فهو أحب الدعاء إلى الله عز وجل، فقد روى الترمذي (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ قَالَ: « سَلْ رَبَّكَ الْعَافِيَةَ وَالْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ». ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ « فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَأُعْطِيتَهَا فِي الآخِرَةِ فَقَدْ أَفْلَحْتَ ». وعن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ما من دعوة أحب إلى الله أن يدعو بها أحد من أن يقول: (اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة) رواه الطبراني ، فالدعاء بالعافية من أفضل الدعاء ، وذلك لاشتماله على كل نفع، ودفع كل ضر ،فجمع هذا الدعاء بين ثلاث مزايا: أ وله ا: شموله لأمري الدنيا والآخرة. ثانيه ا: أنه أفضل الدعاء على الاطلاق.