ومن هذه المواقف العظيمة وغيرها يستفيد المؤمن: أن هذا الدين أمره عظيم، وأنه منصور ومحفوظ، وأن عزت الإنسان في نصره لهذا الدين، ويحذر الإنسان كل الحذر من الوقوف أمام حكم شرعي من أحكام الله -سبحانه-، أو الإعانة على إيقاف الخير والدعوة، أو تحجيم ذلك، أو الجلوس والمصاحبة لمن يفعل ذلك، فإن هذا من أخطر الأمور على الإنسان.
وقال ابن هشام في السيرة النبوية: "فشبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى يكلؤه ويحفظه، ويحوطه من أقذار الجاهلية، لما يريد به من كرامته ورسالته، حتى بلغ أنْ كان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقاً، وأكرمهم حسباً، وأحسنهم جواراً، وأعظمهم حلماً، وأصدقهم حديثاً، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال، حتى سمي في قومه الأمين ، لِما جمع الله فيه من الأمور الصالحة".
- سَهِرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَقْدَمَهُ المَدِينَةَ، لَيْلَةً، فَقالَ: لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِن أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ كَذلكَ سَمِعْنَا خَشْخَشَةَ سِلَاحٍ، فَقالَ: مَن هذا؟ قالَ: سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: ما جَاءَ بكَ؟ قالَ: وَقَعَ في نَفْسِي خَوْفٌ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ أَحْرُسُهُ، فَدَعَا له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَامَ. وفي رِوَايَةِ ابْنِ رُمْحٍ فَقُلْنَا: مَن هذا؟ الراوي: عائشة أم المؤمنين | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 2410 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] | التخريج: أخرجه البخاري (2885)، ومسلم (2410). أَرِقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقالَ: لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِن أصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ إذْ سَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاحِ، قالَ: مَن هذا؟، قالَ سَعْدٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، جِئْتُ أحْرُسُكَ، فَنَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ، قالَ أبو عبدِ اللَّهِ: وقالَتْ عَائِشَةُ: قالَ بلَالٌ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... والله يعصمك من الناس. بوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ.
* * * وأما قوله: " إن الله لا يهدي القوم الكافرين " ، فإنه يعني: إن الله لا يوفِّق للرُّشْد من حاد عن سبيل الحق، وجار عن قصد السبيل، وجحد ما جئته به من عند الله، ولم ينته إلى أمر الله وطاعته فيما فرض عليه وأوجبه. (32) ----------------- الهوامش: (13) في المطبوعة: "لنبيه محمد" ، غير ما في المخطوطة على غير طائل. (14) قوله: "وسائر المشركين" مجرور معطوف على قوله: "بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى... " ومفعول قوله: "بإبلاغ هؤلاء... " هو: "ما أنزل عليه فيهم". (15) في المطبوعة: "أن يصيبه في نفسه مكروه" ، غير ما في المخطوطة على غير طائل. (16) في المطبوعة والمخطوطة: "كل من يتقي مكروهه" ، وهو فاسد جدًا ، صوابه ما أثبت. (17) في المطبوعة: "رسالتي" ، غير ما في المخطوطة. (18) قوله: "احتجبت" ، أي: احتجبت عن الناس حتى لا يدرك منه من يبغيه الغوائل. و "العقب" هنا "عقب القدم" ، وهي مؤخرها ، وهي مؤنثة. يعني بذلك: لأظهرن لهم سائرًا بينهم لا أحتجب. سبب نزول قوله تعالى (والله يعصمك من الناس) - موضوع. وكل من خرج إلى الناس ، فقد بدا لهم عقبه ، وهو يسير بينهم. وهذه كناية حسنة. وقوله: "ما صاحبتهم" ، للتأييد ، كأنه قال: "ما عشت". (19) في المطبوعة: "تجتمع على الناس" ، وأثبت ما في المخطوطة.
قال القرطبي: قوله تعالى: {والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس} دليل على نبوّته؛ لأن الله عزّ وجلّ أخبر أنه معصوم، ومن ضمن سبحانه له العِصمة فلا يجوز أن يكون قد ترك شيئًا مما أَمَره الله به. وسبب نزول هذه الآية: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نازلًا تحت شجرة فجاء أعرابي فاخْتَرَطَ سيفه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: من يمنعك مني؟ فقال: «الله» ؛ فذُعِرت يدُ الأعرابي وسقط السيف من يدِه، وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دِماغه» ؛ ذكره المهدوي. وذكره القاضي عِياض في كتاب الشّفاء قال: وقد رُوِيت هذه القصة في الصحيح، وأن غَوْرَث بن الحارث صاحب القصة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه؛ فرجع إلى قومه وقال: جئتكم من عند خير الناس. " سادسًا : ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ " - الكلم الطيب. وقد تقدّم الكلام في هذا المعنى في هذه السورة عند قوله: {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} [المائدة: 11] مستوفى، وفي «النساء» أيضًا في ذِكر صلاة الخوف.