نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا، حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى! فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا" [2]. وروى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وأن له ما على الأرض من شيء غير الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة" [3]. قوله تعالى: ﴿ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [آل عمران: 170]. أي الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند ربهم يرزقون، وهم فرحون بما هم فيه من النعمة والغبطة، ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله، أنهم يقدمون عليهم، وأنهم لا يخافون مما أمامهم، ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم. ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا. ففي الصحيحين من حديث أنس في قصة أصحاب بئر معونة السبعين من الأنصار الذين قتلوا في غداة واحدة، وقنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو على الذين قتلوهم، قال أنس: فقرأنا عليهم قرآنًا، ثم إن ذلك رفع، "بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا" [4].
(2) 2324- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح عن الإفريقي, عن ابن بشار السلمي -أو أبي بشار, شكّ أبو جعفر- قال: أرواح الشهداء في قباب بيض من قباب الجنة، في كل قبة زوجتان, رزقهم في كل يوم طلعت فيه الشمس ثَورٌ وحُوت, فأما الثور، ففيه طعم كلّ ثمرةٍ في الجنة, وأما الحوت ففيه طَعمُ كل شراب في الجنة. (3) * * * قال أبو جعفر: فإن قال قائل: فإنّ الخبر عما ذكرت أن الله تعالى ذكرُه أفاد المؤمنين بخبره عن الشهداء من النعمة التي خصّهم بها في البرزخ غيرُ موجود في قوله: " ولا تَقولوا لمنْ يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء " ، وإنما فيه الخبرُ عن حَالهم، أمواتٌ هم أم أحياءٌ. قيل: إنّ المقصود بذكر الخبر عن حياتهم، إنما هو الخبر عَمَّا هم فيه من النِّعمة, ولكنه تعالى ذكره لما كان قد أنبأ عبادَه عما خَصّ به الشهداء في قوله: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [سورة آل عمران: 169] ، وعلموا حالهم بخبره ذلك، ثم كان المراد من الله تعالى ذكره في قوله: " ولا تقولوا لمنْ يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء " ، نَهْيُ خَلقه عن أن يقولوا للشهداء أنهم موتى (4) = تَرَك إعادة ذكر ما قد بين لهم من خبرهم.
إننا إذ ننعى في سرايا القدس أقمارنا الثلاثة الذين كانت لهم بصمات دامغة في المقاومة ومشاغلة العدو، فإننا نعاهد الله تعالى ثم نعاهد شعبنا وأمتنا على الاستمرار في أداء الواجب الشرعي والوطني بمقاومة العدو الصهيوني، والتصدي له، كتعبير أصيل عن إرادة الشعب الفلسطيني الذي لا يقبل الاستسلام ولا الهزيمة. وإنه لجهاد جهاد نصر أو استشهاد سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين السبت ١ رمضان ١٤٤٣ هــ، الموافق ٢ نيسان-أبريل ٢٠٢٢م
وقوله: "وقال عبدة... " ، يريد أن "عبدة بن سليمان" قال: "في روضة" بدل "في قبة". ووقع في المطبوعة "أو قال عبدة". ووضع "أو" هنا بدل واو العطف - خطأ غير مستساغ. ونرجح أنه من ناسخ أو طابع. (3) الخبر: 2324- هذا خبر لا أدري ما هو؟! ورأسه "ابن بشار السلمي؛ أو أبو بشار" - الذي شك فيه ابن جرير: لم أهتد إلى شيء يدل عليه. سرايا القدس تزف ثلاثة من مجاهديها ارتقوا في عملية اغتيال في جنين - قناة العالم الاخبارية. وقد ذكره السيوطي 2: 96 ، عن هذا الموضع من الطبري ، ثم لم يصنع شيئًا! (4) سياق الكلام: ولكنه تعالى ذكره لما كان قد أنبأ عباده... ترك أعادة ذكر... ". (5) في المطبوعة: "إنهم أحياء" ، والسياق يقتضي ما أثبت. وانظر معاني القرآن للفراء 1: 93-94 ، فقد استوفى ما اختصره الطبري.
------------------ الهوامش: (43) انظر تفسير نظيرة هذه الآية فيما سلف 1: 551 / 2: 150 ، 512 ، 513 / 5: 519. (44) "الخفض": لين العيش وسعته وخصبه ، يقال: "عيش خفض ، وخافض ، وخفيض ، ومخفوض": خصيب في دعة ولين. و "الزلفة": القربة والدرجة والمنزلة ، عند الله رب العالمين. ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله اموات. (45) انظر معاني القرآن للفراء 1: 247. (46) انظر تفسير "زعم" فيما سلف قريبًا ص 392 تعليق: 1. (47) الأثر: 8229- سيرة ابن هشام 3: 126 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8220 ونص ابن هشام: "قد أذهب الله... " ، وهو أجود.
* * * وأما قوله: " ولكنْ لا تَشعرُون " ، فإنه يعني به: ولكنكم لا تَرونهم فتعلموا أنهم أحياءٌ, وإنما تعلمون ذلك بخبري إياكم به. * * * وإنما رفع قوله: " أمواتٌ" بإضمار مكنيّ عن أسماء " من يُقتل في سبيل الله " ، ومعنى ذلك: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله هم أموات. ولا يجوز النصب في &; 3-219 &; " الأموات ", لأن القول لا يعمل فيهم، وكذلك قوله: " بل أحياء ", رفعٌ، بمعنى: هُمْ أحياء. (5) ------------------- الهوامش: (1) في المطبوعة: "كما يحدث" ، والصواب ما أثبت. (2) الحديث: 2323- عبدة بن سليمان الكلابي الكوفي: ثقة من شيوخ أحمد وإسحاق. مترجم في التهذيب ، وابن سعد 6: 272 ، وابن أبي حاتم 3/1/89. الحارث بن فضيل الأنصاري المدني: ثقة ، وثقه ابن معين والنسائي وغيرهما. مترجم في التهذيب ، والكبير 1/2/277 ، وابن أبي حاتم 1/2/86. محمود بن لبيد بن عقبة بن رافع الأشهلي ، الأوسي ، الأنصاري: صحابي على الراجح الذي جزم به البخاري ، مات سنة 96 أو 97. قال الواقدي: مات وهو ابن 99 سنة. قال الحافظ في التهذيب: "على مقتضى قول الواقدي في سنة ، يكون له يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم 13 سنة. وهذا يقوي قول من أثبت الصحبة".