النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) فإن أرواحهم تعرض على النار صباحا ومساء إلى قيام الساعة ، فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار; ولهذا قال: ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) أي: أشده ألما وأعظمه نكالا. وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور ، وهي قوله: ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا). ولكن هاهنا سؤال ، وهو أنه لا شك أن هذه الآية مكية ، وقد استدلوا بها على عذاب القبر في البرزخ ، وقد قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم - هو ابن القاسم أبو النضر - حدثنا إسحاق بن سعيد - هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص - حدثنا سعيد - يعني أباه - عن عائشة أن يهودية كانت تخدمها فلا تصنع عائشة إليها شيئا من المعروف إلا قالت لها اليهودية: وقاك الله عذاب القبر. 1745 تفسير بنور : الآية : النار يعرضون عليها غدوا وعشيا - YouTube. قالت: فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي فقلت: يا رسول الله ، هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة ؟ قال: " لا وعم ذلك ؟ " قالت: هذه اليهودية ، لا نصنع إليها شيئا من المعروف إلا قالت: وقاك الله عذاب القبر. قال: " كذبت يهود.
المؤلف: أبو بكر الإسماعيلي الناشر: موقع الإسلام المصدر: التحميل: كتاب الأم كتاب الأم: في هذه الصفحة نسخة الكترونية من كتاب الأم، والذي يمثل قمة الإنتاج العلمي للإمام الشافعي رحمه الله (ت204هـ)، وهو من آخر مؤلفاته الفقهية ألفه بمصر في أواخر حياته كما أنه يمثل القول الجديد الذي استقر عليه مذهبه. ويعد هذا الكتاب من مفاخر المسلمين فهو موسوعة ضخمة شملت الفروع والأصول واللغة والتفسير والحديث، كما أنه حوى بين دفتيه عدداً هائلاً من الأحاديث والآثار وفقه السلف الصالح - رحمهم الله -. ويروي هذا الكتاب عن الإمام الشافعي - رحمه الله -: تلميذه الربيع بن سليمان المرادي. ونسبة الكتاب إلى الشافعي - رحمه الله -: ثابتة ليس فيها أدنى شك لمن طالع جزءاً من هذا الكتاب وقارنه بأسلوبه - رحمه الله - في كتبه الأخرى. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٣٣٥. -مميزات كتاب الأم: 1- أنه كتاب جليل متقدم صنفه عالم جليل من أئمة الفقه والدين. 2- كثرة الاستدلال فيه والاحتجاج بالنصوص الشرعية، وقد زادت الآثار فيه على أربعة آلاف مما يعني أنه من الكتب المسندة المهمة خاصة مع تقدم وفاة الشافعي وأخذه عن إمامي الحجاز مالك وسفيان. 3- احتكام مؤلفه كثيراً إلى اللغة في فهم النصوص وتفسيرها.
وقد يقال إن هذه الآية إنما دلت على عذاب الكفار في البرزخ ، ولا يلزم من ذلك أن يعذب المؤمن في قبره بذنب ، ومما يدل على هذا ما رواه الإمام أحمد: حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة من اليهود ، وهي تقول: أشعرت أنكم تفتنون في قبوركم ؟ فارتاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: " إنما يفتن يهود " قالت عائشة: فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أشعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور ؟ " وقالت عائشة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد يستعيذ من عذاب القبر. تفسير سورة غافر الآية 46 تفسير السعدي - القران للجميع. وهكذا رواه مسلم ، عن هارون بن سعيد وحرملة ، كلاهما عن ابن وهب ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الزهري به. وقد يقال: إن هذه الآية دلت على عذاب الأرواح في البرزخ ، ولا يلزم من ذلك أن يتصل بالأجساد في قبورها ، فلما أوحي إليه في ذلك بخصوصيته استعاذ منه ، والله سبحانه وتعالى أعلم. وقد روى البخاري من حديث شعبة ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن مسروق ، عن عائشة - رضي الله عنها - أن يهودية دخلت عليها فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر.
ومع ذلك ورد في صحيح البخاري: أن العباس أخاه -عم النبي صلى الله عليه وسلم- رآه في المنام فقال له: يا أبا لهب ما حالك؟ كيف أنت بعدنا؟ قال: ما لقيت إلا شراً، إلا ما كان من يوم الإثنين فإني أسقى في هذه النقرة - يعني: نقرة إبهامية- لعتقي ثويبة، وذلك عندما بشرته بولادة محمد ابن أخيه عبد الله. فـ أبو لهب يخبر أخاه وهو في دار الآخرة حيث لا كذب ولا مين ولا نفاق، أنه كل يوم إثنين يسقى في هذه النقرة؛ لأنه أعتق ثويبة، وهي جارية جاءت إليه وقالت: يا سيدي! إن أخاك عبد الله ولد له ولد فسماه محمداً، فقال: اذهبي فأنت حرة. فحفظ الله له ذلك، فكان العذاب وهو في النار يخفف عنه يوم الإثنين، في ذلك الوقت التي جاءته ثويبة تبشره بولادة محمد صلى الله عليه وسلم وأعتقها فيه، رغم كونه كفر به، وحض الناس على الكفر به. وورد عن غيره من أقارب النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن فلاناً كان ينافح عنك وكان وكان، أنافعه ذلك يوم القيامة؟ قال: (نعم، لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار، وهو الآن في ضحضاح من النار، له نعلان من النار يغلي منهما دماغه). وعلى ذلك فالعذاب لآل فرعون لكونه لم يكفر فقط، بل زاد على الكفر أن ادعى شيئاً عظيماً فقال: أنا ربكم الأعلى، وكان بذلك أخرق أرعن أحمق، وبذلك استحق هذا العذاب.
وهم على الله أكذب ، لا عذاب دون يوم القيامة ". ثم مكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث ، فخرج ذات يوم نصف النهار مشتملا بثوبه ، محمرة عيناه ، وهو ينادي بأعلى صوته: " القبر كقطع الليل المظلم - أيها الناس - لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا وضحكتم قليلا - أيها الناس - استعيذوا بالله من عذاب القبر ، فإن عذاب القبر حق ". وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم ، ولم يخرجاه. وروى أحمد: حدثنا يزيد ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة - قال: سألتها امرأة يهودية فأعطتها ، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر. فأنكرت عائشة ذلك ، فلما رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت له ، فقال: " لا ". قالت عائشة: ثم قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك: " وإنه أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم ". وهذا أيضا على شرطهما. فيقال: فما الجمع بين هذا وبين كون الآية مكية ، وفيها الدليل على عذاب البرزخ ؟ والجواب: أن الآية دلت على عرض الأرواح إلى النار غدوا وعشيا في البرزخ ، وليس فيها دلالة على اتصال تألمها بأجسادها في القبور ، إذ قد يكون ذلك مختصا بالروح ، فأما حصول ذلك للجسد وتألمه بسببه فلم يدل عليه إلا السنة في الأحاديث المرضية الآتي ذكرها.
والنار بدل من سوء، في الآية الأولى. وقوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٦] أي: يقول تعالى لملائكة النار ولزبانيتها: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٦] أي: أدخلوهم إلى أشد عذاب يوجد في جهنم؛ جزاء شركهم وظلمهم وطغيانهم، وكفرهم بنبييه إليهم، وإعطاءهم مهلة طويلة لعلهم يتوبون ويسلمون، فلم يتوبوا.