اهـ. وقال الشوكاني في "النيل": "فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر، وإن قصد حقيقة التَّعليق، فيُنظر: فإن كان أراد أن يكون متَّصفًا بذلك، كفر؛ لأنَّ إرادة الكفر كفر، وإن أراد البعد عن ذلك، لم يكفر؛ لكن هل يَحْرُم عليه ذلك أو يُكْرَه تنزيهًا؟ الثَّاني هو المشهور". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لو قال: هو يهودي أو نصراني أو كافر إن فعل كذا، فإنَّ المعلق هنا وجود الكفر عند الشَّرط، ثم إذا وجد الشَّرط، لم يوجد الكفر بالاتِّفاق؛ بل يلزمه كفَّارة يمين، أو لا يلزمه شيء. المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بغيرِ اللهِ تعالى - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية. ولو قال ابتداء: هو يهودي أو نصراني أو كافِر، يلزمه الكفر، بمنزلة قوله ابتداءً: عبدي حر، وامرأتي طالق، وهذه البدنة هدْي، وعليَّ هدي، وعليَّ صوم". وممَّا سبق يتبيَّن أنَّ الواجب على الأخ السائل التَّوبة إلى الله، وترْك الحلِف بِهذه الأشياء المنكرة، والحلف بالله وأسمائِه وصفاتِه إن احتاج لليمين؛ عملاً بما في الحديث: « مَن كان حالفًا فلْيَحلف بالله أو ليصمت »؛ متفق عليه من حديث ابن عمر، كما أنَّه لَم يقُل أحدٌ من أهْل العلْم: أنَّ مَن حلَف بالكُفْر يكون كافرًا، أو يَموت كافِرًا، إلا إن أراد حقيقة قوله ولم يقصد اليمين ولا إلزام النفس بشيء ما.
[1] صبر: تلزمه من الحاكم. [2] فاجر: كاذب. [3] قال: إن شاء الله.
وراجع الفتويين رقم: 34136 ، ورقم: 36872. وأما سب الدين: فكفر أكبر ـ والعياذ بالله ـ ولا يشترط الغسل لصحة التوبة منه والرجوع إلى الإسلام، وفي وجوب الغسل تفصيل وخلاف بين أهل العلم راجع فيه الفتاوى التالية أرقامها: 137051 ، 33821 ، 160479. ولكن يشترط النطق بالشهادتين، ولا يجزئ تذكر معناهما في الداخل دون تحريك اللسان، وراجع الفتوى رقم: 17454. لا تحلف بغير الله. والذي ينبغي في حق السائل أن يجتهد في استجماع شروط التوبة، والاستقامة على طاعة الله، ويكفيه أن ينطق بالشهادتين مرة واحدة، حتى ولو تكرر منه قبل ذلك سبب الردة. والله أعلم.
اليمين تُعرفُ اليمين في الشريعة الإسلامية بأنَّها الحلف أو القسَم على أمرٍ ما، واليمين لتوكيدِ ذلك الأمر أو لتوكيدِ نفي ذلك الأمر أيضًا، والحلف يكون بالله تعالى وهذا هو الحلفُ المباحُ ويجبُ على من يريدُ الحلفَ أن يحلفَ بالله تعالى فقط، وتقسمُ اليمينُ إلى ثلاثة أنواعٍ في الإسلام حسب ما وردَ في القرآن والأحاديث الشريفة وهي: اليمين اللغو، اليمين الغَموس، اليمين المُنعقدة، وسيُذكرُ في هذا المقال أنواعُ اليمين الثلاثة وحكمها بالتفصيل ثمَّ التحدُّث عن حكم الحلف بغير الله للمسلم والأدلة الواردة في ذلك [١]. كفاره من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك. أنواع اليمين قبل التعرُّف على حكمِ الحلف بغير الله سيتمُّ التعرُّف على أنواع اليمين في هذه الفقرة: [٢] اليمينُ اللغو: وهي أن يحلفَ المسلمُ ولا يكونُ قاصدًا الحلف أو اليمين، كأنْ يقول في سياقِ حديثه مثلًا: لا والله ، أو بلى والله. أو يحلفُ على أمرٍ يظنُّ صدقه ثمَّ يظهرُ خلاف ذلك، قال تعالى: "لَا يؤَاخذُكُمُ اللَّه باللَّغوِ في أيمَانِكُمْ ولكِنْ يؤَاخذُكُمْ بمَا عقَّدتُمُ الأَيمَانَ" [٣]. اليمين الغموس: وهي أن يحلفَ المسلمُ على أمرٍ ما وهو يعلمُ أنَّه كاذبٌ، وهي من أكبر الكبائر وحرام على المسلم أن يحلفها، وسمِّيت اليمين الغموس؛ لأنَّها تغمسُ صاحبها في النار، قال تعالى: "إنَّ الذِينَ يشتَرُونَ بعَهدِ اللَّه وأَيمانِهِمْ ثمنًا قلِيلًا أولئِكَ لا خَلاقَ لهُمْ في الآخرَةِ ولَا يكَلِّمهمُ اللَّه ولَا ينظُرُ إلَيهِمْ يَومَ القيَامَةِ ولَا يزكِّيهِمْ ولَهُمْ عذَابٌ ألِيمٌ" [٤] ، وفي حديثِ عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "الكبائرُ: الإِشرَاكُ بالله، وعُقوقُ الوالدَينِ، وقَتلُ النَّفسِ، واليمِينُ الغمُوسُ" [٥].
لا كفَّارةَ [670] المقصودُ بالكفَّارةِ المنفيَّةِ هنا: كفَّارةُ اليَمينِ المعروفةُ في الشَّرعِ، ويجِبُ على من حَلَف بغيرِ اللهِ أن يقولَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، كما سيأتي في الأدِلَّةِ. والحَلِفُ بغَيرِ اللهِ حَرامٌ لا يَجوزُ. يُنظَرُ: مسألةُ حُكمِ الحَلِفِ بغَيرِ اللهِ تعالى في الفصلِ الثَّاني مِنَ البابِ الأوَّلِ. على مَن حَلَف بغيرِ الله تعالى، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّةِ [671] ((شرح مختصر الطَّحاوي)) للجَصَّاص (7/395)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/715). ويُنظر: ((الاختيار لتعليل المختار)) للمَوْصِلي (4/51). ، والمالِكيَّةِ [672] لا كفَّارةَ عليه عندَهم في الحَلِفِ بالأيمانِ الممنوعةِ. ((الرسالة)) لابن أبي زيد القَيْرَواني (ص: 85)، ((الكافي)) لابن عبد البر (1/448). ، والشَّافِعيَّةِ [673] لا تَنعقِدُ اليَمينُ بغير اللهِ عِندَهم ولا كفَّارةَ فيها. ((روضة الطالبين)) للنووي (11/6). كفاره من حلف بغير الله فقداشرك. ويُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (3/95). ، والحَنابِلةِ [674] ((الفروع)) لابن مفلح (10/437)، ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/333)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/234). ، وهو قَولُ أكثَرِ الفُقَهاءِ [675] قال ابنُ قُدامةَ: (ولا تنعقِدُ اليَمينُ بالحَلِفِ بمَخلوقٍ؛ كالكعبةِ، والأنبياءِ، وسائرِ المخلوقاتِ، ولا تجِبُ الكفَّارةُ بالحِنْثِ فيها.
من حلف بغير الله وجبت عليه الكفارة أفتى كثير من العلماء عدم جواز الحلف بغير الله، وكان ذلك بالاستناد لأدلة من السنة النبوية، فقد تبين بالأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى الحلف بغير الله تعالى فقال عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) ووضح بهذا الحديث انه يعد شرك أصغر لا يخرج صاحبه من الملة، واختلف كثير من العلماء ان من حلف بغير الله وجبت عليه الكفارة. حكم الحلف بغير الله ومع اختلاف المذاهب لقد أفتى علماء الأمة عدم الحلف بغير الله تعالى، وهذا بناء على استدلالهم من السنة النبوية، وقال كثير من العلماء بأنه لا تلزم من حلف بغير الله كفارة، ومن يحلف بالكعبة وحياة امه وغير ذلك كثير فهي يمين محرمة لا تلزمه كفارة انما يكون صاحبها ارتكب أمر محرم، وعلى من يحلف بغير الله من أسمائه وصفاته أن يتوب توبه خالصه لله تعالى يترك هذه المعصية، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف باللات والعزة أن يقول: لا اله الا الله.
كفارة الحلف بغير الله. حكم الحلف بغير الله: أفتى علماء الأمة بعدم جواز الحلف بغير الله، وقد استندوا إلى أدلّة تحريمه من السّنة النبوية المطهّرة، فقد سمع عبد الله بن عمر رجلاً يحلف بالكعبة، فبيّن له عدم جواز ذلك؛ لنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن الحلف بغير الله حينما قال: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) ، وهذا الشّرك الذي تحدث عنه النبي عليه الصلاة والسلام هو شِرك أصغرُ لا يُخرج صاحبَه من الملّة، إلا إذا عظّم المحلوفَ به تعظيماً مشابهاً لتعظيم الله، فحينئذٍ يخرج الحالف من الملّة؛ لوقوعه في الشّرك الأكبر.