الأيام الأخيرة ظل الزركلي موضع حفاوة وتقدير من المجامع العلمية؛ فانتخب عضوا بالمجمع العلمي العربي بدمشق سنة ( 1349هـ = 1930 ، واختير عضوا مراسلا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة (1366هـ= 1946م)، وبالمجمع العلمي العراقي سنة ( 1380 هـ = 1960 ، وظل بعد خروجه من العمل الدبلوماسي مقيما بالقاهرة التي عاش فيها أغلب حياته، وفي إحدى زياراته إلى دمشق أصابته وعكة صحية ألزمته الفراش بصفة أسابيع، فلما قرب على الشفاء رحل إلى القاهرة للاستجمام، لكن الحياة لم تطل به فوافته المنية على ضفاف النيل في ( 3 ذو الحجة 1396هـ = 25 نوفمبر 1976 عن 83 سنة. هوامش ومصادر أحمد تمام. "الزركلي.. دبلوماسي في أحضان الكتب". إسلام أون لاين. خير الدين الزركلي: الأعلام- دار العلم للملايين– بيروت– 1986م. سامي الدهاق: الشعراء الأعلام في سوريا– دار الأنوار- بيروت– 1968م. فضل عفاش: رجالات في أمة– دار المعرفة– دمشق– (1408هـ= 1988م). محمود محمد الطناحي: الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم- مكتبة الخانجي – القاهرة– (1406هـ= 1985م).
قال عنه محمد الخضر الحسيني: ".. ومن أدباء دمشق، الشاعر المُجيد السيد خير الدين الزركلي، رأيته ينحو في شعره نحو فلسفة المعري". وقال عنه الشاعر شوقي بغدادي: ".. أحد الشعراء القلائل الذي خالطت أشعاره حياتنا منذ عهد الطُّفولة، فكانت كالنَّقش على الحجر.. ".
وعندما انطلقت الثورة السورية عام 1925، انطلقت ثورة الزركلي الشعرية بكل لهيبها وروحيتها العربية، فأخذ ينظم القصائد ويرسلها إلى دمشق إماّ منشورة على صفحات الجرائد السورية والمصرية، وإماّ بوسائل النقل الأخرى، فأصبحت أبيات قصائده الوطنية على ألسنة الناس يتغنون بها في شوارع المدن السورية. كانت ردود الفعل الفرنسية أقوى من ردود فعلها عام 1920م فأذاعت حكماً عليه ثانياً غيابياً بالإعدام، وطالبت الحكومة المصرية بإسكاته أو طرده من مصر غير أن الزركلي لم يكترث وظل يرسل قصائده الوطنية من القاهرة سراً، شاحذاً همم العرب حتى لا يسكتوا على الاستعمار ولا يتوانى أحدهم عن النضال. بنى الزركلي علاقات حميمة مع الكتاب والشعراء والمفكرين في مصر، من منطلق أهمية الكلمة التحضيرية في تعزيز الشعور الوطني والقومي في نفوس الجماهير العربية التي تعيش الهم القومي بكل جوانبه من هؤلاء الشاعر أحمد شوقي الذي ألقى قصيدته في حفل أقيم في القاهرة عام 1926، لإعانة المتضررين في سوريا حين قامت وانطلقت الثورة السورية الثورة ضد المستعمر الفرنسي. يُشخص الزركلي صورة الدأب العلمي المنتج في كتابه الأعلام الذي جمع فيه فأوعى فكان بحق أيسر وأشمل معجم عربي مختصر في تاريخ الرجال.