ماذا وصف الشاعر مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
(القزويني: الإيضاح في علوم البلاغة، ص 350)
يقول إيليا حاوي في كتابه (امرؤ القيس، ص 158) ما ملخصه: أن الحصان لسرعة عدْوه تكاد لا تراه فارًّا حتى تراه كارًّا، فيختلط عليك أمر الكر والفر، فتحسب بسبب السرعة الواحد منهما الآخر، فالكر يدنو من الإقبال، ولكنه ليس إياه تمامًا، فالكر يوحي بالسرعة والانقضاض وشدة الحركة، أما الإقبال فلا ينطوي على ذلك، بل إن فيه إلماحًا إلى طلعته، والإدبار فيه إلماح إلى مؤخرته وهو متولّ، ويمكننا القول إن الشاعر ألف في هذا الشطر بين الصورة المتحركة والصورة الجامدة الساكنة. أما في الشطر الثاني ، فالصخر هو الحصان، والسيل هو السرعة، وقد جعله منحدرًا لتعظيم زخْمه وشدته، فهذا يمثل الكرّ، فالصخر جلمود وهو أصلب أي أشد انحدارًا وقسوة، والسيل ينحط من عل، وكل هذه الأوصاف للدلالة على معنى السرعة والانقضاض.
وقد تم التأكد من صحة هذا الكلام الذي وصف فيه امرؤ القيس حصانه عندما اخترعت الكاميرات الحديثة عالية الدقة وقاموا بتصوير الحصان وهو يركض فتبين أنه عند تقدم الرجلان الخلفيتين للأمام تتأخر الرجلان الخلفيتين وهكذا. وفي الشطر الثاني يقول امرؤ القيس أنه وعلى الرغم من أن حصانه يقبل ويدبر، ويكر ويفر في نفس اللحظة فهو يتحرك ككتلة واحدة مثل الصخرة التي لاتلوي على شيء. أعرب/ مكر مفر مقبل مدبر معا * كجلمود صخر حطه السيل من علِ؟. وعندما قال حطه السيل من عَل يقصد بأن الحصان في كل دورة حركة تكون رجلاه الأماميتين والخلفيتين في الهواء غير ملامسة للأرض في نفس اللحظه فيسقط على الأرض من الأعلى. دَرِيْـرٍ كَخُـذْرُوفِ الوَلِيْـدِ أمَـرَّهُ تَتَابُـعُ كَفَّيْـهِ بِخَـيْـطٍ مُـوَصَّـلِ لَهُ أيْطَـلا ظَبْـيٍ وَسَاقَـا نَعَامَـةٍ وإِرْخَاءُ سَرْحَـانٍ وَتَقْرِيْـبُ تَتْفُـلِ ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَدْبَرْتَهُ سَـدَّ فَرْجَـهُ بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْـزَلِ كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَـى مَدَاكَ عَـرُوسٍ أَوْ صَلايَـةَ حَنْظَـلِ وفي نهاية القصيدة يكمل وصفه لحصانه فيمدحه ويقول بأنه يبقى مواصلًا لركضه وسرعته تبقى تتزايد مثل اللعبة التي يلعبها الأطفال وهي عبارة عن حجر صغير مربوط بخيط فعندما يدورها تبدأ سرعتها بالإزدياد حتى تصبح ريعة جدا وهذا حال حصانه السريع.
معلومات عن: امرؤ القيس امرؤ القيس (130-80 ق. هـ) (497-545م) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، من بني آكل المرار. شاعر يماني الأصل. اشتهر بلقبه، واختلف النسابون في اسمه، وكان أبو هملك أسد وغطفان، وأمه أخت المهلهل الشاعر وعنه أخذ الشعر. ثم ثار بنو أسد على أبيه فقتلوه وثأر لأبيه من بني أسد وقال في ذلك شعرا كثيراً. وكانت حكومة فارس ساخطة على بني آكل المرار، فأوعزت إلى المنذر ملك العراق بطلب امرئ القيس، فطلبه فابتعد وانتهى إلى السموأل فأجاره، ثم رأى ان يستعين بالروم على الفرس فسار إلى قيصر الروم يوستينياس في القسطنطينية، فوعده ومطله، ثم ولاه إمرة فلسطين، فرحل يريدها، فوافاه أجله بأنقره. وقد جُمع بعض ما ينسب إليه من الشعر في ديوان صغير. شرح وتحليل: مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا ... كجلمود صخرٍ حطَّه السيلُ مِنْ عَلِ. المزيد عن امرؤ القيس