وأسوق للذين يفتون بعدم تسجيل الزواج في وثيقة رسمية ويشجعون الناس عليه بعض ما يحدث من أمور في الزواج العرفي: قد ينكر الزوج أنه تزوج في الزواج غير المسجل فماذا يحدث للزوجة والأولاد. ومن المعلوم أن بعض قوانين الأحوال الشخصية قد [ ألزمت المحاكم القضائية بعدم سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا عند تقديم وثيقة رسمية ، وهذا ما استقر عليه القضاء المصري منذ عام 1931، ونصت عليه المادة (99) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمعدلة بالقانون رقم (78) لعام 1951. فتوى شيخ الأزهر حول ميراث المرأة تثير ضجة كبيرة في مصر. وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بتاريخ 1/2/1957 أن الفقرة الناصة على عدم سماع الدعوى عند إنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت بوثيقة رسمية، فإن هذه الفقرة لا تَشترط الوثيقة الرسمية لصحة عقد الزواج، وإنما هي شرط لسماع الدعوى. ومن هذه القوانين قانون الأحوال الشخصية الكويتي، فقد جاء في المادة (92) منه الفقرة: (أ) "لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية، إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية، أو سبق الإنكار الإقرار بالزوجية في أوراق رسمية". مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق ص 145 – 146. وكذلك فإن الزواج غير المسجل بوثيقة رسمية من السهولة بمكان إنكاره وبالتالي التحلل من جميع التزاماته المادية والمعنوية بخلاف الزواج الموثق بوثيقة رسمية [إن الزواج الرسمي تصدر به وثيقة رسمية من الدولة، بخلاف الزواج العرفي الذي يعقد مشافهة أو تكتب فيه ورقة عرفية، وقد عرف رجال القضاء المعاصرون الوثيقة الرسمية بأنها "التي تصدر من موظف مختص بمقتضى وظيفته بإصدارها".
وحال من يحب الثغور _ قال تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) الروم. ويناديهم المنادي يا أهل الثغور ان دياركم قد حفظت وإن نسائكم قد سترت وإن اموالكم قد زكيت ، وإن أولادكم قد عِزوا ونجحوا. فما خبر عنكم قالوا قال الله تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) الروم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخوكم الشيخ الدكتور مهدي بن احمد بن صالح الصميدعي مفتي جمهورية العراق / المقاوم. فتوى رقم ( 1030 ) – دار الافتاء العراقية. 12 صفر 1440 هجرية 30 تشرين أول 2018.
والوثيقة الرسمية لا تقبل الإنكار، ولا يجوز الطعن فيها بحال، وبناءً على ذلك يثبت بها عقد النكاح قطعاً. أما عقد الزواج العرفي ولو أثبت بالشهود، أو وثيقة عرفية فإنه يقبل الطعن فيه، ويقبل الإنكار. وإذا ضاعت الورقة التي كتبت بينهما أو أتلفت عمداً ف ماذا بالنسبة لحقوق الزوجة والأولاد ؟ وماذا عن حق الزوجة في الميراث حال وفاة الزوج في الزواج العرفي؟وكم من المآسي قد حدثت للزوجة والأولاد بسبب عدم تسجيل الزواج بوثيقة رسمية ؟ الخلاصة: يجب شرعاً تسجيل الزواج بوثيقة رسمية ومن لم يفعل ذلك فهو آثم وإن كان العقد صحيحاً تترتب عليه آثاره الشرعية ولا ينبغي لأحد أن يشجع على الزواج العرفي لما يترتب عليه من مفاسد وضياع لحقوق الزوجة والأولاد. وأنصح الآباء أن لا يزوجوا بناتهم زواجاً عرفياً وأن يحرصوا أشد الحرص على الزواج الصحيح الموثق بوثيقة رسمية ومسجل في المحاكم الشرعية. انتهى باختصار من موقع فضيلة الشيخ حسام عفانة ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ: يُطْلَقُ الزواج العُرْفي على عقد الزواج الذي لم يُوثَّق بوثيقة رسمية، وهو نوعان: نوع يكون مستوفيًا للأركان والشروط، ونوعٌ لا يكون مُسْتوفيًا لذلك.
وأما الأول فهو زواج معتبر شرعاً وهو ما كان سائداً بين المسلمين قديماً إلى أن صار توثيق الزواج بوثائق رسمية متعارفاً عليه بين المسلمين وصارت بعض قوانين الأحوال الشخصية تلزم تسجيل الزواج رسمياً. ولا شك أن عقد الزواج كان يتم قديماً بدون وثيقة وبدون تسجيل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: [ لم يكن الصحابة رضوان الله عليهم يكتبون صداقات لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر، بل يعجلون المهر، وإن أخّروه فهو معروف، فلما صار الناس يزوجون على المؤخر، والمدة تطول وينسى صاروا يكتبون المؤخر، وصار ذلك حجة في إثبات الصداق وفي أنها زوجة له]. مجموع فتاوى شيخ الإسلام 32/131. ولكن صار تسجيل عقد الزواج أمراً لا بد منه، ولا يقال لماذا لا نمشي على ما مشى عليه السابقون من عدم التسجيل؟ فأقول: شتان ما بيننا وبينهم فلقد خربت ذمم كثير من الناس وقلت التقوى وكاد الورع أن يغيب في عصرنا لذا أؤكد على وجوب تسجيل الزواج في وثيقة رسمية وأعتقد أن من تزوج عرفياً أو زوج ابنته في زواج عرفي فهو آثم شرعاً وإن كان الزواج العرفي إن تم مستكملاً لأركان الزواج وشروطه صحيحاً شرعاً وكونه صحيحاً لا يمنع من تحريمه كمن حج بمال حرام فحجه صحيح ولكنه آثم شرعاً.