يربط حسن الظن العبد بربه، حتى في حالة ارتكاب الفواحش، يكون الإنسان على علم أن باب الله لازال مفتوحًا له كما ذكر في قوله تعالى: " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ". التثبت وحسن الظن. يزداد القلب تعلقًا بالله، فعند اليقين بتمام الإجابة أو إرسال الحل من الله، يهدأ ويصبر ويبدأ يُفكر في الأسباب بثقة وروية. يأتي بالنصر فحسن الظن بالله تمثل في حالة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت الهجرة عندما اختبأ مع صاحبه، وعندما سأله ما الحل يا رسول الله فرد عليه: " ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما ". يؤدي حسن الظن بالله إلى وجود التوكل الدائم على الله بعد الأخذ بالأسباب، وقد نزلت آية في هذه الحالة " وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ". يعمل حسن الظن بالله إلى نصرة كل من ينصر دين الله، فقد تمثل ذلك في غزوة الأحزاب عندما تكتلت قريش على المسلمين وكان هناك فارقًا عدديًا كبيرة بين الفرقتين، فنزل قوله تعالى: " كَتَبَ اللَّـهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ".
وقد ذم الله في كتابه طائفة من الناس أساءت الظن به سبحانه ، وجعل سوء ظنهم من أبرز علامات نفاقهم وسوء طويتهم ، فقال عن المنافقين حين تركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في غزوة أحد: { وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية} (آل عمران: 154) ، وقال عن المنافقين والمشركين: { الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء} (الفتح: 6). والمراد من الحديث تغليب جانب الرجاء ، فإن كل عاقل يسمع بهذه الدعوة من الله تبارك وتعالى ، لا يمكن أن يختار لنفسه ظن إيقاع الوعيد ، بل سيختار الظن الحسن وهو ظن الثواب والعفو والمغفرة وإيقاع الوعد وهذا هو الرجاء ، وخصوصاً في حال الضعف والافتقار كحال المحتضر فإنه أولى من غيره بإحسان الظن بالله جل وعلا ولذلك جاء في الحديث ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله) أخرجه مسلم عن جابر رضي الله عنه. فينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه موقنًا بأن الله يقبله ويغفر له; لأنه وعد بذلك وهو لا يخلف الميعاد ، فإن ظن أن الله لا يقبله ، أو أن التوبة لا تنفعه ، فهذا هو اليأس من رحمة الله وهو من كبائر الذنوب, ومن مات على ذلك وُكِل إلى ظنه ، ولذا جاء في بعض طرق الحديث السابق حديث الباب ( فليظن بي ما شاء) رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح.
جزاء الذاكرين ثم أتبع ذلك ببيان فضل الذكر وجزاء الذاكرين ، فذكر الله عز وجل أنه مع عبده حين يذكره ، وهذه المعية هي معية خاصة وهي معية الحفظ والتثبيت والتسديد كقوله سبحانه لموسى وهارون:{ إنني معكما أسمع وأرى} (طـه: 46) ، وأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان وتدبر الذاكر معانيه ، وأعظمه ذكر الله عند الأمر والنهي وذلك بامتثال الأوامر واجتناب النواهي.