لقد استوقفتنى طريقة القتل، إنها درامية جدا، لكن فى البداية وجب التوقف عند شخصية أبى مسلم الخراسانى، الذى تقول عنه الكتب إنه كان "فاتكا ذا رأى وعقل وتدبير وحزم"، بالتالى كان يعرف جيدا أن أبا جعفر المنصور يبيت له نية سوء، فسارع هو بإبداء الاعتراض، والخروج عن الطاعة، وكانت له قوة لا يستهان بها فى خراسان، وللعلم كان هو والى الشام وخراسان، فبدأ المنصور معه بالحيلة. والحيلة أنه عرض عليه حكم مصر بجانب الشام وخراسان واشترط عليه أن يدير ذلك من الشام ويرسل من يريد إلى الأمصار الأخرى، كان المنصور يريد أن يفصله عن "خراسان"، لكن أبا مسلم فهم اللعبة، وقال له أديرها من خراسان، وهنا بدأت المراسلات بين الرجلين تأخذ طريقا آخر ظهر فيه العداء سافرا حتى أن أبا مسلم هدد وتوعد، وهنا لجأ المنصور مرة أخرى إلى الحيلة. والحيلة أنه ألان الحديث وطلب من أبى مسلم أن يقدم عليه، وانطلت الخدعة، وكان المنصور قد أعد العدة، وعندما دخل عليه أبو مسلم استقبله المنصور وأرسله ليبيت منعمًا ثم يأتى له فى الغد، وكان ذلك الغد هو الأخير. أبو مسلم الخراساني pdf. دخل أبو مسلم الخراسانى، وراح المنصور يلومه بينما أبو مسلم الذى شعر بالخطر راح يعتذر، فهو يعلم جيدا أنه فى عرين الرجل، لكن أبا جعفر لم يقبل العذر، وفجأة صفق بيده، وكانت هذه هى العلامة المتفق عليها مع القتلة، فخرج رجال من مخابئهم ورحوا يطعنون أبا مسلم حتى قطعوا جسده ثم ضموا جسده فى غطاء وألقوه بعد ذلك فى نهر دجلة، ثم خرج المنصور ليخطب فى الناس خطبة شهيرة.
- قاد أبو مسلم الخراساني حركة العباسيين في خرسان صح أم خطأ - المساعد الثقافي
قاد أبو مسلم الخراساني حركة العباسيين في خرسان صح أم خطأ - المساعد الثقافي
» وفي ملامح وجهه ما يدل على أنه يعني غير ما يقول، ففهم الدهقان أنه
يريد
الكتمان كعادته من قبلُ؛ فقد كان أبو مسلم يفدُ على الدهاقين في طلب المدد من المال ونحوه
انتصارًا للشيعة.
فلما رأته
جلنار
على تلك الحال صاحت: «أبا مسلم! » فالتفت ونظر إليها بعينين تكادان تجمدان من الاحتضار،
وقال
بصوت مختنق: «سامحيني يا جلنار. قاد أبو مسلم الخراساني حركة العباسيين في خرسان صح أم خطأ - المساعد الثقافي. » ثم ارتجَّ عليه وأخذ يبكي بكاء الطفل، فسقطت وقد أُغمي
عليها، فتجمع الحضور حولها ورشوها بالماء، فلما أفاقتْ لم يكن همُّها إلا أن تنظر إلى
مسلم. وكان قد فارق الحياة وشخصت عيناه وجمدتا وهما متجهتان إليها، والدمع لا يزال فيهما،
فرمت بنفسها عليه، وراحت تتمرغ في ردائه، وتغمس كفيها في دمه، وتمسح وجهها، ثم همت بيديه
وصدره، وأخذت تقبل ثوبه، وتستنشق ريحه، وتبكي وتلطم حتى لم يبق في الغرفة إلا من تقطع
قلبه
عليها. فلما رأى المنصور ذلك أمر الحراس أن يلفوا جثة أبي مسلم بالبساط ويخرجوها من القاعة،
فلفوه وهي تحاول دفعهم عنه، وخرجوا جميعًا، ولم يبق هناك إلا جلنار وخادمتها، استبقاهما
المنصور ليعرف سبب إقدامهما على ذلك العمل، ثم تقدم إلى الفتاة وأنهضها وهو يقول لها:
«ما
بالك يا بنية؟ ما الذي أصابك؟»
فانتبهت والتفتت إلى ما حولها، فلم تجد جثة أبي مسلم فقالت: «أين هو؟ دعوني أودعه
أو
خذوني معه. »
فقال لها المنصور: «اعلمي يا صبية أن أمير المؤمنين يخاطبك. »
فوقفت وتأدبت، ثم التفتت وهي تبحث عن ريحانة، فرأتها ممسكة بثوب صالح، وإبراهيم قابض
على
طوقه وهو يحاول الفرار، فصاحت فيه: «أهذا جزاء الثقة يا صالح؟ يأتيك كتاب أبي مسلم بالتوبة
والمصالحة، وأخبرك أن قلبي يحدثني بذلك وأنت تخفي عني حبه، كأنك خفتَ أن يفلت هذا الأسد
القتل فيقتلك.