مقتطفات من كتاب لأنك الله -رحلة إلى السماء السابعة- - YouTube
لا تتوهم أنه بعيد، أو أنه تخفى عليه منك خافية، فأقرب ما تكون إليه وأنت ساجد، تتمتم بـ (سبحان ربي الأعلى)، فإذا بالسماوات تتفتح لتمتمتك، وإذا بالجبار يسمعك! وقربه سبحانه وتعالى قرب علم وقرب سمع وقرب بصر وقرب إحاطة، لا قرب ذات، لأن ذاته العلية منزهة عن مثل هذا القرب.
المفغور لهم.. تدمع عيونهم ولكنهم لا ييأسون من رَوح الله أبداً.. ينامون بالليل في طمأنينة، لأن أغرب توقع هو أن يموتوا؟ وماذا لو ماتوا؟ إنهم بلا ذنوب تجعل الموت شبحاً مرعباً. ألست مشتاقاً لأن تجد الله غفوراً رحيماً؟ استغفره إذن!! فالغفور عَلِم أن الذنوب ستفسد عليك حياتك، ستقهر روحك، ستجعل الليل وحشة والنهار ملل، وتفاصيل الحياة وهم، والنوم اختناق، والوحدة بكاء، فقال لك: أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ يغفر دائماً.. ويغفر بكرم، ويغفر ما لا يغفره بشر، ويغفر بإدهاش! ما بين الصلاة والصلاة، وما بين العمرة والعمرة، وما بين رمضان ورمضان، وما بين الحج والحج إذا ما اجتنبت الكبائر! ويغفر ما لا يغفره البشر: فيغفر ذنوب بغيٍّ كل حياتي ذنوب ومعاصٍ بأن سقت الكلب ماء! بإدهاش.. كما حصل لمن حضر غزوة بدر فقد اطلع عليهم ربهم وقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم! قال ابن كثير: وفي هذا تنبيه عظيم على فضل أهل بدر، فإن هذا الذي لم يكن في بُحيحة القتال، ولا في حومة الوغى، بل كان من النّظارة من بعيد، وإنما أصابه سهم غرب، وهو يشرب من الحوض، ومع هذا أصاب بهذا الموقف الفردوس الأعلى.. مقتطفات من كتاب لأنك الله _4 - مدونة مقهى الكتب. فما ظنك بمن كان واقفاً في نحر العدو.
ثم يقول: القلب يعرض له مرضان عظيمان إن لم يتداركهما العبد تراميا به إلى التلف ولا بد وهما الرياء والكبر، فدواء الرياء بإياك نعبد، ودواء الكبر بإياك نستعين. أرأيت الصلاة التي فرغت للتو من أدائها، لو لم يعتك الله عليها لما أديتها. هو رحيم، فقط أنزل حوائجك ببابه، فقط اجعل قلبك منكسراً وكأنه مُخبت تحت العرش، ولو لم تدعه، الرحيم سبحانه يريد هذه الحالة الخاشعة منك، وبعدها ثق بأنه سيقضي حوائجك، ويرفع مرضك، ويخلق الابتسامة على ثغرك. الله سيحول جميع مشاكلك إلى حلول، وكل آلامك إلى عافية، وكل أحلامك إلى واقع، وكل دموعك إلى ابتسامات.. حتى لو مت، فالحي الذي لا يموت، سيعيد حقك لأبنائك من بعدك، لا تنشغل في لحظة وجعك وغمرة آهاتك بأبنائك من بعدك، فالحي الذي تموت أنت ولا يموت هو سيكون لهم، سيكون معهم، سيرأف بحالهم، سيسعدهم، سيجعل حياتهم أفضل منها وأنت معهم، لأنه الحي الذي لا يموت. لو يظلمك أحد، توكل عليه! مقتطفات من لأنك الله العنزي. كم رأيت أبناء تربوا في المساجد ثم ألحدوا، والعياذ بالله؟ وأبناء صرف عليهم الآباء المال والرعاية ثم ضاعوا! وحده يعلم مكان الهداية في قلبك ابنك، ادعه أن يملأه إيماناً، توكل عليه، قل له بخضوع: يا رب، هذا ابني، وأنت ربي وربه، فاهده إليك ودله عليك وأعني على تربيته.. يا رب أنا لن أحسن أن آمره بالصلاة ما لم تعنّي.. وهو لن يحسن أن يصلي ما لم تعنه.
الهادي: أكلتك الحيرة؟ هل تشعر أن عقلك أعجز من أن يحدد لك الصواب من الخطأ، هل تزاحمت في عقلك مميزات فتاتين لا تدري أيهما تتزوج؟ بل هل تعبت من دروب الضياع وتريد أن يمن الله عليك بأن يدلك على طريق النور والهداية؟ إذاً أنت تحتاج أن تتعرف على هذا الاسم العظيم، أن تسترشد الهادي سبحانه ليوقف في نفسك جيوش الحيرة ويهديك إلى السراط المستقيم! مقتطفات من لأنك الله - الطير الأبابيل. فهو سبحانه يهديك، فيحرف مسارك عن الضلالة إلى الرشد، وعن الغواية إلى الطريق الأقوم. يهديك بما تظنه صدفة: يهديك بآية تسمعها في صلاة، ويهديك برؤيا تراها، ويهديك بنصيحة عابرة، ويهديك بكلمة تقع عينك عليها في كتاب، ويهديك بومضة غير مسبوقة بتفكير، ويهديك بظروف تدفعك إلى الصواب، ويهديك بالخوف، ويهديك بالحب، ويهديك بالموت! وأما سماع القرآن فأصل الهدايات، ومن أعظم ما جعله الله سبباً لهداية عباده، فقد ضمّن فيه كل أسباب الهداية والرشد، قال تعالى: إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ فيستحيل على عاملٍ بما في القرآن أن يصاب بزيغ أو انحراف أو نكوص! قد يهديك ثم لا تقوم بواجب تلك الهداية من شكر وعمل بمقتضاها فيسلبها منك، مثل ذلك الرجل الذي آتاه الله آياته: فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وقد يهديك فتشكره وتعمل بمقتضى الهداية فيمن عليك بهداية أخرى فتشكره وتعمل بمقتضاها ثم يفضل عليك بهداية ثالثة ورابعة، ويجعل حياتك هدايات يمسك بعضها ببعض.