وقف الشاعر في مطلع قصيدته متعجبا ومتسائلا عن التغير العجيب الذي طرأ على الأرض.. تغير جعل روحا تتدفق في جنبات الطبيعة فتبث في أنفاسها حياة وخضرة وإشراقا ، وكأنها جنة الله في دنياه ، وسرعان ما يتبدد العجب بمعرفة السبب.. ألا إن فصل الربيع حل وفرش بساطه الزاهي على أرض الله الواسعة ، بل إنه يرى أن أصل كل جمال طبيعي وكوني مردّه إلى فنيّة فصل الربيع ، إذ أنه أشبه بفنان يبعث الحياة في لوحته بعد أن كانت جامدة لا لون فيها ولا صورة.. كذلك فصل الربيع. كل ما في الكون من فن رفيع * إنما تلهمه دنيا الربيع ينتقل الشاعر بعد ذلك إلى تجديد لقائه بنهر سبو ، أين عاش على جنبات ضفافه أحلى الذكريات وأطيب الأوقات ، فنهر سبو كريم دائم الجود لكل ظمآن ، ذلك المشهد الجميل الذي رسخ في ذاكرة شاعرنا وهو مستلق وسط موكب من الزهور العطرة التي احتفت بصديقها أيما احتفاء ، والطيور تغرد من فوقه ناشرة في الدجى أعذب الألحان. وصف فصل الربيع وجماله : أبيات رائعة على ضفاف نهر ' سبو ' - أنا البحر. أما حلول الليل على نهر سبو فيزيد المكان تأنقا وسحرا خصوصا وأن ضياء القمر قد رسم لوحة فنية أخذت بعقل كل متذوق للجمال ، والشاعر بدوره يجد الليل وقتا مناسبا يلهمه لكتابة أحلى الأشعار ، والشوق يتجدد لنهر سبو مهما بعد عليه الشاعر ، فكلما رأى منظرا طبيعا أخاذا إلا وتذكر نهر سبو في فصل الربيع.
[2] انظر: معجم ابن عساكر رقم: (839). [3] أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض للمقري، وأدب الكاتب (ص: 1) لابن قتيبة. [4] الأغاني (4/84) لأبي الفرج الأصفهاني، والبصائر والذخائر (6/216) لأبي حيان التوحيدي، وبهجة المجالس وأنس المجالس. [5] شعب الإيمان (12 /364) للبيهقي، وانظر: البيان والتبيين (ص: 386) للجاحظ، ومجموع رسائل الحافظ ابن رجب الحنبلي (3 /169)، والفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (12 /6311). [6] وفي بعضها: "فأضيق". [7] مجموع رسائل الحافظ ابن رجب الحنبلي (3 /169). [8] من ديوان البرعي. [9] وقيل: بشر؛ البيان والتبيين (ص: 390) للجاحظ، وبهجة المجالس وأنس المجالس، والذخائر والعبقريات (1 /148) للبرقوقي. وانظر: الجواهر الحسان في تفسير القرآن (3 /15) للثعالبي، والوافي بالوفَيات للصفدي، ولم يذكر سوى بيتين. [10] البداية والنهاية (10 /318) لابن كثير. وانظر: بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم، والآداب الشرعية والمنح المرعية (3 /275). وبهجة المجالس وأنس المجالس وعزاها لمحمد بن حازم الباهلي وهي في ديوانه. [11] وفي بعضها: " عنان". [12] وفي بعضها: " أمرٍ". [13] سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر؛ للمرادي.
تاريخ النشر: 31 مارس 2016 5:57 GMT تاريخ التحديث: 31 مارس 2016 6:56 GMT نستطيع في بداية حديثنا عن المرأة في العصر الجاهلي أن نقول إنَّ المرأة هي الركيزة الأساسيَّة في معظم الشعر الجاهلي؛ سواء قصد الشاعر المرأة بقصائد مستقلَّة، أم رمَّز غزله بها من خلال مشاهد عديدة؛ منها: الطلل وارتحال الظعائن وغيرهما من المشاهد. ففي القصيدة الطلليَّة يذكر الشاعر الجاهلي اسم محبوبته، ويستحضر ذكرها، ويبعثها في فضاء قصيدته، كما يذكرها في مشهد ارتحال الظعائن، ويستحضر في ذهنه لحظات رحيل الأحبَّة. والبداة، كما يرى الباحث سليم الجندي، في كتابه "امرؤ القيس؛ حياته وشعره" لا يعرفون مظهراً من مظاهر الجمال خيراً من المرأة؛ فهي المثل الأعلى للجمال عندهم، والعرب عموماً ذوو نفوسٍ حسَّاسةٍ وأذواق لطيفة، إذا رأى أحدهم الجمال أخذ بمجامع قلبه، وملك عليه مشاعره، وشغل نفسه عمّا سواه، فإذا فارق من أحبَّ جاشت مراجل الحبِّ في نفسِه، وقذفت على فيه ما يختلج بداخلها من آلام البعد، وتباريح الشوق، فأخذ يبكي ويترنَّم بوصف من أحبَّ بالصفات التي تثير في نفسِه كوامن الشوق ولذلك كانوا يقدِّمون الغزل في فاتحة أشعارهم. صورة المرأة المثاليَّة لدى العرب يقول الأصمعي ملخصاً معايير جمال الوجه عند العرب "الحُسْنُ في العينَين، والجمال في الأنف، والملاحة في الفم".