قوله تعالى: ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) [ 82]. 782 - أخبرنا سعيد بن محمد المؤذن قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا حمدان السلمي قال: حدثنا النضر بن محمد قال: حدثنا عكرمة بن عمار قال: حدثنا أبو زميل قال: حدثني ابن عباس قال: مطر الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر ، قالوا: هذه رحمة وضعها الله تعالى وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا [ وكذا] " ، فنزلت هذه الآيات: ( فلا أقسم بمواقع النجوم) حتى بلغ ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون). رواه مسلم عن عباس بن عبد العظيم ، عن النضر بن محمد. ما تفسير قوله تعالى : "وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ" ؟. 783 - وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في سفر فنزلوا [ منزلا] وأصابهم العطش وليس معهم ماء ، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: " أرأيتم إن دعوت لكم فسقيتم فلعلكم تقولون سقينا هذا المطر بنوء كذا " ، فقالوا: يا رسول الله ما هذا بحين الأنواء. قال: فصلى ركعتين ودعا الله تبارك وتعالى ، فهاجت ريح ثم هاجت سحابة فمطروا ، حتى سالت الأودية ، وملئوا الأسقية ، ثم مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل يغترف بقدح له [ وهو] يقول: سقينا بنوء كذا ، ولم يقل هذا من رزق الله سبحانه ، فأنزل الله سبحانه: ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون).
قال محمد - هو ابن إبراهيم -: فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيب ، فقال: ونحن قد سمعنا من أبي هريرة ، وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو يستسقي ، فلما استسقى التفت إلى العباس فقال: يا عباس ، يا عم رسول الله ، كم بقي من نوء الثريا ؟ فقال: العلماء يزعمون أنها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعا. قال: فما مضت سابعة حتى مطروا. وهذا محمول على السؤال عن الوقت الذي أجرى الله فيه العادة بإنزال المطر ، لا أن ذلك النوء يؤثر بنفسه في نزول المطر; فإن هذا هو المنهي عن اعتقاده. القرآن الكريم - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - تفسير سورة الواقعة - الآية 82. وقد تقدم شيء من هذه الأحاديث عند قوله: ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) [ فاطر: 2]. وقال ابن جرير: حدثني يونس ، أخبرنا سفيان ، عن إسماعيل بن أمية - أحسبه أو غيره - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا - ومطروا - يقول: مطرنا ببعض عشانين الأسد. فقال: " كذبت! بل هو رزق الله ". ثم قال ابن جرير: حدثني أبو صالح الصراري ، حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك الأزدي ، حدثنا جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما مطر قوم من ليلة إلا أصبح قوم بها كافرين ". ثم قال: " ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) يقول قائل: مطرنا بنجم كذا وكذا ".
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: ما مُطر قوم قط إلا أصبح بعضهم كافراً، يقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذَا، وقرأ ابن عباس { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ}. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن عطية، قال: ثنا معاذ بن سليمان، عن جعفر، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُون} ثم قال: ما مُطر الناس ليلة قطّ، إلا أصبح بعض الناس مشركين يقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذا. 1 2 3
⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ما مُطر قوم قط إلا أصبح بعضهم كافرًا، يقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذَا، وقرأ ابن عباس ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾. ⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن عطية، قال: ثنا معاذ بن سليمان، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ ثم قال: ما مُطر الناس ليلة قطّ، إلا أصبح بعض الناس مشركين يقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذا، قال: وقال وتجعلون شكركم أنكم تكذّبون. ⁕ حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ﴾ يقول: شكركم على ما أنزلت عليكم من الغيث والرحمة تقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذا؛ قال: فكان ذلك منهم كفرًا بما أنعم عليهم. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، قال: أحسبه أو غيره "أن رسول الله ﷺ سمع رجلا ومطروا يقول: مُطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال: كَذَبْتَ بَلْ هُوَ رِزْقُ الله". ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: "إِنَّ اللهَ لَيُصَبَّحُ القَوْمَ بالنِّعْمَةِ، أَوْ يُمَسِّيهِم بِهَا، فَيُصْبِحُ بِهَا قَوْمٌ كَافِرينَ يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا" قال محمد: فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيب، فقال: ونحن قد سمعنا من أبي هريرة، وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يستسقي فلما استسقى التفت إلى العباس فقال: يا عباس يا عمَّ رسول الله ﷺ، كم بقي من نوء الثريا؟ فقال: العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعًا، قال: فما مضت سابعة حتى مُطروا.
* * * وقوله: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ يقول: وتجعلون شكر الله على رزقه إياكم التكذيب، وذلك كقول القائل الآخر: جعلت إحساني إليك إساءة منك إليّ، بمعنى: جعلت: شكر إحساني، أو ثواب إحساني إليك إساءة منك إليّ. وقد ذُكر عن الهيثم بن عدّي: أن من لغة أزد شنوءة: ما رزق فلان: بمعنى ما شكر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأمل على اختلاف فيه منهم. ⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثني عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبد الرحمن السلميّ، عن عليّ رضي الله عنه ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ قال: شكركم. ⁕ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عليّ رفعه ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ قال: شكركم تقولون مُطرنا بنوء كذا وكذا، وبنجم كذا وكذا. ⁕ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا يحيى بن أبي بكر، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن عليّ، عن النبي ﷺ قال " ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ قال: شُكْرَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ، قال: ويقولون مطرنا بنوء كذا وكذا".
وقال مالك في الموطأ ، عن صالح بن كيسان ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. " قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا. فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ". أخرجاه في الصحيحين ، وأبو داود ، والنسائي ، كلهم من حديث مالك به. وقال مسلم: حدثنا محمد بن سلمة المرادي ، وعمرو بن سواد ، حدثنا عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث أن أبا يونس حدثه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين ، ينزل الغيث ، فيقولون: بكوكب كذا وكذا ". تفرد به مسلم من هذا الوجه. وقال ابن جرير: حدثني يونس ، أخبرنا سفيان ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الله ليصبح القوم بالنعمة أو يمسيهم بها فيصبح بها قوم كافرين يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا ".