فد سمع الله قول خولة بنت ثعلبة التي تراجعت في شأن زوجها أوس بن الصامت, وفيما صدر عنه في حقها من الظهار, وهو قوله لها: " أنت علي كظهر أمي ", أي: في حرمة النكاح, وهي تتضرع إلى الله تعالى; لتفريج كربتها, والله يسمع تخاطبهما ومراجعتكما. إن الله سميع لكل قول, بصير بكل شيء, لا تخفى عليه خافية. الذين يظاههون منكم من نسائهم, فيقول الرجل منهم لزوجته: " أنت علي كظهر أمي ", أي في حرمة النكاح- لسن في الحقيقة أمهاتهم, إنما هن زوجاتهم, ما أمهاتهم إلا اللائي يلدنهم. إن هؤلاء المظاهرين ليقولن قولا كاذبا فظيعا لا تعرف صحته. إن الله لعفو غفور عمن صدر منه بعض المخالفات, فتداركها بالتوبة النصوح. تفسير سورة المجادلة pdf. والذين يحرمون نساءهم على أنفسهم بالمظافرة منهن, ثم يرجعون عن قولهم ويعزمون على وطء نسائهم, فعلى الزوج المظاهر- والحالة هذه- كفارة التحريم, وهي عتق رقبة مؤمنة عبد أو أمة قبل أن يطأ زوجته التي ظاهر منها, ذلكم هو حكم الله فيمن ظاهر من زوجه توعظون به, أيها المؤمنون; لكي لا تقعوا في الظهار وقول الزور, وتكفروا إن وقعتم فيه, ولكي لا تعودوا إليه, والله لا يخفى عليه شيء من أعمالكم, وهو مجازيكم عليها. فمن لم يجد رقبة يعتقها, فالواجب عليه صيام شهرين متتاليين من قبل أن يطأ زوجه, فمن لم يستطع صيام الشهرين لعذر شرعي, فعليه أن يطعم ستين مسكينا ما يشبعهم, ذلك الذي بيناه لكم من أحكام الظهار; من أجل أن تصدقوا بالله وتتبعوا وسيله وتعملوا بما شرعه الله, وتتركوا ما كنتم عليه في جاهليتكم, وتلك الأحكام المذكورة هي أوامر الله وحدود فلا تتجاوزوها, وللجاحدين بها عذاب موجع.
ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون في الدنيا والآخرة. إن الذين يخالفون أمر الله ورسوله أولئك من جملة الأذلاء المغلوبين المهانين في الدنيا والآخرة كتب الله في اللوح المحفوظ وحكم بأن النصرة له ولكتابه ورسله وعباده المؤمنين. تفسير سورة المجادلة الآية 4 تفسير السعدي - القران للجميع. إن الله سبحانه قوي لا يعجزه شيء, عزيز على خلقه. لا تجد- يا محمد- قوما يصدقون بالله واليوم الآخر, ويعملون بما شرع الله لهم, يحبون ويوالون من عادى الله ورسوله وخالف أمرهما, ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو أقرباءهم, أولئك الموالون في الله والمعاندون فيه كتب في قلوبهم الإيمان, وقواهم بنصر منه وتأييد على عدوهم في الدنيا, ويدخلهم في الآخرة جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار, ماكثين فيها زمانا ممتدا لا ينقطع, أحل الله عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم, ورضوا عن ربهم بما أعطاهم من الكرامات يرفع الدرجات, أولئك حزب الله وأولياؤه, وأولئك هم الفائزون بسعادة الدنيا والآخرة
[١٢] تُشير هذه الآيات إلى الأقوام الذين كانوا يتناجون فيما بينهم من اليهود والمنافقين ويتغامزون بحضور المسلمين، فيظنّ المسلمون أنّ هؤلاء يخفون خبر استشهاد أحد من أهل الإيمان في السرايا فيحزنون. أو قد يقع في نفوسهم أنّهم يتكلّمون في السرّ لأنّهم يريدون قتلهم والغدر بهم، فاشتكى المسلمون ذلك لرسول الله فنهاهم عن ذلك، ولكنّ الكفّار أصرّوا على النجوى واستمرّوا بهذه الفعل. [٣] عندئذ أرشد الله -تعالى- عباده إلى عدم الالتفات لفعلهم فما يقع في نفوسهم من الحزن والخوف ما هو إلّا من الشيطان وليس من الحقيقة في شيء. كما أرشد الله المؤمنين إلى عدم التناجي -وهو الحديث بالسرّ- إلّا بأمور البرّ والصدق والطاعات وترك المعاصي، وأمرهم بالتوكّل على ربّهم فالشيطان ليس له سلطة أو وسيلة عليهم. [٣] أدب المجالسة في الإسلام قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). تفسير سوره المجادله محمد الشنقيطي. [١٣] يؤدّب الله -تعالى- عباده المؤمنين في هذه الآيات بآداب رفيعة قد تغيب عن ذهن البعض لدقّتها، وهذه الآداب هي التفسّح في المجلس؛ أي أن يُعطي الجالس مكانًا لمن يُريد الجلوس إذا ضاق المكان.
أخشيتم الفقر إذا قدصتم صدقة قبل مناجاتكم رسول الله؟ فإذا لم تفعلوا ما أمرتم به, وتاب الله عليكم, ورخص لكم في ألا تفعلوه, فاثبتوا وداوموا على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله في كل ما أمرتم به, والله سبحانه خبير بأعمالكم, ومجازيكم عليها. كم تر إلى المنافقين الذين اتخذوا اليهود أصدقاء ووالوهم؟ والمنافقون في الحقيقة ليسوا من المسلمين ولا من اليهود, ويحلفون كذبا أنهم مسلمون, وأنك رسول الله, وهم يعلمون أنهم كاذبون فيما حلفوا عليه. أعد الله لهؤلاء المنافقين عذابا بالغ الشدة والألم, إنهم ساء ما كانوا يعملون من النفاق والحلف على الكذب. اتخذ المنافقون أيمانهم الكاذبة وقاية لهم من القتل بسبب كفرهم, ولمنع المسلمين عن قتالهم وأخذ أموالهم, فبسبب ذلك صدوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل لله وهو الإسلام, فلهم عذاب مذل في النار لاستكبارهم عن الإيمان بالله ورسوله وصدهم عن سبيله. تفسير سورة المجادلة السعدي. لن تدفع عن المنافقين أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئا, أولئك أهل النار الملازمون لها, لا يخرجون منها, ولا يموتون فيها. وهذا الجزاء يعم كل من صد عن دين الله بقوله أو فعله. يوم القيامة يبعث الله المنافقين جميعا من قبورهم أحياء, فيحلفون له أنهم كانوا مؤمنين, كما كانوا يحلفون لكم- أيها المؤمنون- في الدنيا, ويعتقدون أن ذلك ينفعهم عند الله كما كان ينفعهم في الدنيا عند المسلمين, ألا إنهم هم البلغون في الكذب حدا لهم يبلغه غيرهم, غلب عليهم الشيطان, واستولى عليهم, حتى تركوا أوامر الله والعمل بطاعته, أولئك حزب الشيطان وأتباعه.