فقوله: (إنك منافق تجادل عن المنافقين) لأنه ظهر منه هذا الكلام، فصار معذوراً. فالمقصود أن العلماء أخذوا من هذا أنه إذا وجد من المرء ما يدل على ذلك فرماه شخص بالنفاق فإنه يكون معذوراً، وأما إذا كان بدون دليل ولا سبب فهذا مثلما جاء في الحديث: ( إذا قال الرجل لأخيه: (يا كافر) فقد باء بها أحدهما)، فلا يجوز البغي لكن إذا ظهر منه دلالة فرماه أحد بالنفاق فإنه يعذر، وقد لا يكون منافقاً، لكن الذي رماه يكون معذوراً؛ لأنه تكلم بما ظهر له، وأما أن يأتي شخص ويقول للآخر: يا كافر أو يا فاسق بدون سبب فهذا هو الذي عليه الإثم. والوصف بالنفاق بدون دليل يأخذ أحكام التكفير، فهو يشبه قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما) كما تقدم.
(133) ويمدهم في طغيانهم يعمهون - غريب القرآن - عبد الرحمن بن معاضة الشهري - طريق الإسلام
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة:
««
«...
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101...
»
»»
إعراب قوله تعالى: الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون الآية 15 سورة البقرة
قال ابن جرير: والعمه: الضلال ، يقال: عمه فلان يعمه عمها وعموها: إذا ضل. قال: وقوله: ( في طغيانهم يعمهون) في ضلالهم وكفرهم الذي غمرهم دنسه ، وعلاهم رجسه ، يترددون [ حيارى] ضلالا لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا ؛ لأن الله تعالى قد طبع على قلوبهم وختم عليها ، وأعمى أبصارهم عن الهدى وأغشاها ، فلا يبصرون رشدا ، ولا يهتدون سبيلا. [ وقال بعضهم: العمى في العين ، والعمه في القلب ، وقد يستعمل العمى في القلب أيضا: قال الله تعالى: ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) [ الحج: 46] ويقال: عمه الرجل يعمه عموها فهو عمه وعامه ، وجمعه عمه ، وذهبت إبله العمهاء: إذا لم يدر أين ذهبت.
والعَمَهُ انطماس البصيرة وتحير الرأي وفعله عَمِهَ فهو عامه وأعمه. وإسناد المد في الطغيان إلى الله تعالى على الوجه الأول في تفسير قوله: { ويمدهم} إسناد خلق وتكوين منوط بأسباب التكوين على سنة الله تعالى في حصول المسببات عند أسبابها.