وقد مضى رمضان.. ودائما ما يأتي السؤال: وماذا بعد رمضان؟ والإجابة قد أجاب بها رسول الله على الله عليه وسلم منذ قرون على السائلين عن العلاج الناجع والساعين إلى الدواء النافع فقال لمن سأله: [قل آمنت بالله ثم استقم]. فالاستقامة بعد الطاعة هي أعظم كرامة. فإذا كان الله قد حباك في رمضان بشجرة الطاعة والتزام العبادة، فيلزمك أيها الموحد الموفق أن تستقيم عليها، وتعتصم بها بعد رمضان. قال تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال أبو بكر: استقاموا فعلا كما استقاموا قولا. وقال عمر: لم يروغوا روغان الثعالب. أي لم يتعاملوا مع الله بذمتين: ذمة رمضانية وأخرى غير رمضانية. ولم يكونوا كذي الوجهين الذي يلقى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه. تفسير: (قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون). أيها الأحبة إن انقضاء رمضان ليس معناه أن يتوقف الإنسان عن العبادة والطاعة، فهذا لا يعرف ربه إلا في رمضان، ومن كان لا يتعبد إلا في رمضان فإن رمضان يذهب ويزول، ومن كان يعبد الله فإن الله حي باق لا يزول ولا يحول. وقد قيل لبشر بن الحارث: إن قوما يجتهدون ويتعبدون في رمضان (يعني ويتركون العمل بعده)؟ فقال: بئس القوم قوم لا يعرفون الله إلا في رمضان، إن الصالح يتعبد ويجتهد السنة كلها.
قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89) القول في تأويل قوله تعالى: قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (89) قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عن إجابته لموسى صلى الله عليه وسلم وهارون دعاءهما على فرعون وأشراف قومه وأموالهم. يقول جل ثناؤه: (قال) الله لهما: (قد أجيبت دعوتكما) ، في فرعون وملئه وأموالهم. * فإن قال قائل: وكيف نسبت " الإجابة " إلى اثنين و " الدعاء "، إنما كان من واحد ؟ قيل: إن الداعي وإن كان واحدًا ، فإن الثاني كان مؤمِّنًا، وهو هارون، فلذلك نسبت الإجابة إليهما، لأن المؤمِّن داعٍ. (1) وكذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 17847- حدثني محمد بن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن رجل، عن عكرمة في قوله: (قد أجيبت دعوتكما) ، قال: كان موسى يدعو، وهارون يؤمن، فذلك قوله: (قد أجيبت دعوتكما). القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة يونس - الآية 89. وقد زعم بعض أهل العربية ، أن العرب تخاطب الواحد خطاب الاثنين، وأنشد في ذلك: (2) فَقُلْـــتُ لِصَــاحِبي لا تُعْجَلانَــا بِــنزعِ أُصُولِــهِ وَاجْــتَزَّ شِـيحَا (3) 17848- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زكريا بن عدي، عن ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح قال: (قد أجيبت دعوتكما) قال: دعا موسى، وأمن هارون.
﴿ تفسير البغوي ﴾ ( قال) " الله تعالى لموسى وهارون ، ( قد أجيبت دعوتكما) إنما نسب إليهما والدعاء كان من موسى لأنه روي أن موسى كان يدعو وهارون يؤمن ، والتأمين دعاء. وفي بعض القصص: كان بين دعاء موسى وإجابته أربعون سنة. ( فاستقيما) على الرسالة والدعوة ، وامضيا لأمري إلى أن يأتيهم العذاب ( ولا تتبعان) نهي بالنون الثقيلة ، ومحله جزم ، يقال في الواحد: لا تتبعن بفتح النون ؛ لالتقاء الساكنين ، وبكسر النون في التثنية لهذه العلة. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة يونس - الآية 89. وقرأ ابن عامر بتخفيف النون لأن نون التأكيد تثقل وتخفف ، ( سبيل الذين لا يعلمون) يعني: ولا تسلكا طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي ، فإن وعدي لا خلف فيه ، ووعيدي نازل بفرعون وقومه. ﴿ تفسير الوسيط ﴾ فقال: قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما، وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ. أى: قال الله- تعالى- لموسى وهارون- عليهما السلام-: أبشرا فقد أجبت دعوتكما في شأن فرعون وملئه فَاسْتَقِيما على أمرى، وامضيا في دعوتكما الناس إلى الحق، وأثبتا على ما أنتما عليه من الإيمان بي والطاعة لأمري. وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ما جرت به سنتي في خلقي، ولا يدركون طريق الخير من طريق الشر.
وقيل: كان موسى عليه السلام يدعو وهارون عليه السلام يؤمّن. ومعنى إجابة الدعوة إعطاء ما سأله موسى ربّه أن يسلب عن فرعون وملئه النعم ، ويواليَ عليهم المصائب حتى يسأموا مقاومةَ دعوة موسى وتنحطّ غلواؤهم ، قال تعالى: { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنينَ ونقصصٍ من الثمرات لعلهم يذّكرون} [ الأعراف: 130] وقال: { فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات} [ الأعراف: 133]. وفرع على إجابة دعوتهما أمرهما بالاستقامة ، فعلم أن الاستقامة شكر على الكرامة فإن إجابة الله دعوة عبده إحسانٌ للعبد وإكرام وتلك نعمة عظيمة تستحق الشكر عليها وأعظم الشكر طاعة المنعم. وإذ قد كان موسى وهارون مستقيمين ، وناهيك باستقامة النبوءة كان أمرهما بالاستقامة مستعملاً في الأمر بالدوام عليها. وأعقب حثهما على الاستقامة بالنهي عن اتباع طريق الذين لا يعلمون وإن كان ذلك مشمولاً للاستقامة تنبيهاً على توخي السلامة من العدول عن طريق الحق اهتماماً بالتحذير من الفساد. والاستقامة: حقيقتها الاعتدال ، وهي ضد الاعوجاج ، وهي مستعملة كثيراً في معنى ملازمة الحق والرشد ، لأنه شاع تشبيه الضلال والفساد بالاعوجاج والالتواء. وقيل للحق: طريق مستقيم.
يقال هذا وجراح المسلمين تَثعُب! وما النصر إلا من عند الله ــــ ˮبلال الفارس" ☍... " قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما " إن من شكر الله جلّ جلاله على إجابة الدعاء، الاستقامة على الدين وعدم التبديل، وسيجزي الله الشاكرين ــــ ˮبلال الفارس" ☍... ﴿قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما﴾ لم يقل: "قد أجيبت دعوتكما وسترونها تتحقق الآن" بل قال: (قد أجيبت) وانشغلوا الآن بـ: (فاستقيما).. وسوف ترون تحققها. ــــ ˮمجالس التدبر" ☍... ( قد أجيبت دعوتكما فاستقيما) قال عكرمة: أمن هارون على دعاء موسى فقال الله: ( قد أجيبت دعوتكما) فصار التأمين دعوة، و صار شريكه فيها.. فلا تبخل بالتأمين لعل استجابة الدعاء تشملك! ــــ ˮمجالس التدبر" ☍... الذي يقول ( آمين) خلف الداعي هو كالداعي سواء ، قال الله ( وقال موسى ربنا.. ) ثم قال ( قد أجيبت دعوتكما) الداعي واحد و الإجابة للاثنين موسى وهارون.