إن الناس اختلفوا في بدء ظهور هذه الكلمة واستعمالها كاختلافهم في أصله وتعريفه, فذكر ابن تيمية وسبقه ابن الجوزي وابن خلدون في هذا أن لفظ الصوفية لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة الأولى, وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك، وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني وغيرهما، وقد روي عن سفيان الثوري أنه تكلم به، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري الصوفية والفقراء لشيخ الإسلام بن تيمية ص 5 ط القاهرة، أيضا مقدمة ابن خلدون ص 467، تلبيس أبليس لابن الجوزي ص 157 دار القلم بيروت لبنان. وقال السراج الطوسي في الباب الذي خصصه للرد على من قال: لم نسمع بذكر الصوفية في القديم وهو إسم مستحدث: يقول في هذا الباب: (إن سأل سائل فقال: لم نسمع بذكر الصوفية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين، ولا فيمن كان بعدهم، ولا نعرف إلا العبّاد والزُّهاد والسيَّاحين والفقراء، وما قيل لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوفي، فنقول وبالله التوفيق. الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لها حرمة، وتخصيص من شمله ذلك، فلا يجوز أن يعلق عليه اسم على أنه أشرف من الصحبة، وذلك لشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمته، ألا ترى أنهم أئمة الزهاد والعباد والمتوكلين والفقراء والراضين والصابرين والمختبين، وغير ذلك، وما نالوا جميع ما نالوا إلا ببركة الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نسبوا إلى الصحبة والتي هي أجل الأحوال استحال أن يفضلوا بفضيلة غير الصحبة التي هي أجل الأحوال وبالله التوفيق.
وقال أبو بكر الطرطوشي رحمه الله: " مَذْهَبُ الصُّوفِيَّةِ: بَطَالَةٌ وَجَهَالَةٌ وَضَلَالَةٌ ، وَمَا الْإِسْلَامُ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ ". انتهى من " تفسير القرطبي " (11/ 238). وقال القرطبي رحمه الله: " فَأَمَّا طَرِيقَةُ الصُّوفِيَّةِ: أَنْ يَكُونَ الشَّيْخُ مِنْهُمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَشَهْرًا ، مُفَكِّرًا لَا يَفْتُرُ، فَطَرِيقَةٌ بَعِيدَةٌ عَنِ الصَّوَابِ ، غَيْرُ لَائِقَةٍ بِالْبَشَرِ، وَلَا مُسْتَمِرَّةٌ عَلَى السُّنَنِ ". انتهى من " تفسير القرطبي " (4/ 315). وانظر للاستزادة: - " تلبيس إبليس " / لابن الجوزي. - " ذم ما عليه مدعو التصوف " / لابن قدامة المقدسي. - " هذه هي الصوفية " / لعبد الرحمن الوكيل. المبحث الأول: نشأة التصوف - موسوعة الفرق - الدرر السنية. والخلاصة: أن أهل العلم ، وخاصة أئمة المذاهب المتبوعة ، لا يعرف عن أحد منهم أنه مدح التصوف أو مدح أهله بإطلاق ، ولكن ربما مدحوا بعض من ينسب إلى التصوف ، لما عرف به في الناس من الزهد والعبادة والورع ، ونحو ذلك من مكارم الصفات والأخلاق. وانظر للفائدة إجابة السؤال رقم: ( 20375) ، والسؤال رقم: ( 166464). والله أعلم.
الذكر يتميز فكر التصوف واعتقادهم بأهمية الذكر، فيقومون بإقامة حلقات الذكر، ويستدلون على ذلك قول الله {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [سورة الأحزاب: 36]، وأيضاً يستندون على الحديث القدسي قول النبي صلى الله عليه وسلم( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني.. ). آراء أئمة الإسلام في التصوف وأهله - الإسلام سؤال وجواب. هو في عقيده وأفكار التصوف يعتمدون على ذكر مخصص يذكره أكثر من غيره، وهو قول لا اله إلا الله، وفي اعتقادهم أن لا احد يقف الطريق الله إلى من خلال الاستمرار في ذكر الله. ويقول الرازي عن الذكر (إذا ساكن بالقلب فصل الضلالات البشرية بشكل تلقائي ويستبدل مكانها أنوار الربوبية، ويقول أن الذكر مسالة تخص روح الصوفي وتقربه لله سبحانه وتعالى. القول بالكرامات معنى الكرامة المتعارف عليه هو أمور خارقة للطبيعة يفعلها الشخص صاحب الكرامات بمساعدة الله ومدده بها، تختص بأولياء الله الصالحين، ويعتبرونها أمر ثابت كرزق الله للسيدة مريم عليها السلام بطيبات الطعام، ومثل تساقط رطب النخلة بمجرد أن هزت جذعها بجسدها. ولكن فئة المعتزلة من المتصوفين أنكروا الكرامات، وتجد من أخطئوا في فهم الكرامات، وهم من جُهال المتصوفة، حيث اعتمدوا على كذب رجال ليسوا من الصالحين، ولا يشهد لهم أحد بالصلاح وكثرة العبادة، فنتج عن هذا تشوه كلمة الكرامة للخرافات والكذب عند كثير من المسلمين، وأصبحت فكرة الكرامات مرفوضة.
انتهى. وإننا لننأى بالسائل الكريم أن يزج بنفسه في هذه الطرق لما فيها من البدع والضلالات، ونوصيه بتقوى الله تعالى وطلب العلم الشرعي الصحيح على أيدي العلماء الورعين وأصحاب الحكمة والفطنة، الذين يتبعون منهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه. رواه مالك في الموطأ وحسنه الألباني. ولمعرفة صفات الشيخ الذي تقتدي به في علمك وعملك راجع الفتوى رقم: 18328 ، والفتوى رقم: 24872. والله أعلم.