قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا بعد أن خص الله محمدا صلى الله عليه وسلم بتلقين الحجة القاطعة للضلالة أردف ذلك بتلقينه أيضا ما لقنه الرسل السابقين من تفويض الأمر إلى الله [ ص: 214] وتحكيمه في أعدائه ، فأمره بـ قل كفى بالله تسلية له ، وتثبيتا لنفسه ، وتعهدا له بالفصل بينه ، وبينهم كما قال نوح وهود رب انصرني بما كذبون ، وغيرهما من الرسل قال قريبا من ذلك. وفي هذا رد لمجموع مقترحاتهم المتقدمة على وجه الإجمال. شبكة الألوكة. ومفعول " كفى " محذوف ، تقديره: كفاني ، والشهيد: الشاهد ، وهو المخبر بالأمر الواقع كما وقع. وأريد بالشهيد هنا الشهيد للمحق على المبطل ، فهو كناية عن النصير والحاكم; لأن الشهادة سبب الحكم ، والقرينة قوله بيني وبينكم; لأن ظرف ( بين) يناسب معنى الحكم ، وهذا بمعنى قوله تعالى حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين وقوله يوم القيامة يفصل بينكم. والباء الداخلة على اسم الجلالة زائدة لتأكيد لصوق فعل " كفى " بفاعله ، وأصله: كفى الله شهيدا. وجملة إنه كان بعباده خبيرا بصيرا تعليل للاكتفاء به تعالى ، و " الخبير " العليم ، وأريد به العليم بالنوايا والحقائق ، و " البصير " العليم بالذوات والمشاهدات من أحوالها ، والمقصود من اتباعه به إحاطة العلم وشموله.
وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ونزلت في. قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب الحديث. وقد كتبناه بكماله في كتاب " التذكرة ". وقال فيه أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. وكان اسمه في الجاهلية حصين فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله. وقال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير ومن عنده علم الكتاب ؟ قال: هو عبد الله بن سلام. قلت: وكيف يكون عبد الله بن سلام وهذه السورة مكية وابن سلام ما أسلم إلا بالمدينة ؟! ذكره الثعلبي. وكفى بالله شهيدا. وقال القشيري: وقال ابن جبير السورة مكية وابن سلام أسلم بالمدينة بعد هذه السورة; فلا يجوز أن تحمل هذه الآية على ابن سلام; فمن عنده علم الكتاب جبريل; وهو قول ابن عباس. وقال الحسن ومجاهد والضحاك: هو الله تعالى; وكانوا يقرءون " ومن عنده علم الكتاب " وينكرون على من يقول: هو عبد الله بن سلام وسلمان; لأنهم يرون أن السورة مكية ، وهؤلاء أسلموا بالمدينة. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ ومن عنده علم الكتاب وإن كان في الرواية ضعف ، وروى ذلك سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -; وروى محبوب عن إسماعيل بن محمد اليماني أنه قرأ كذلك - ومن عنده بكسر الميم والعين والدال علم الكتاب بضم العين ورفع الكتاب.
وقوله ( وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) يقول جلّ ثناؤه لنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أشهدك يا محمد ربك على نفسه, أنه سيظهر الدين الذي بعثك به ( وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) يقول: وحسبك به شاهدا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حُمَيد, قال. ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا أبو بكر الهُذَليّ, عن الحسن ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) يقول: أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الدين كله, وهذا إعلام من الله تعالى نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, والذين كرهوا الصلح يوم الحديبية من أصحابه, أن الله فاتح عليهم مكة وغيرها من البلدان, مسليهم بذلك عما نالهم من الكآبة والحزن, بانصرافهم عن مكة قبل دخولهموها, وقبل طوافهم بالبيت.
[١٣] تعريف بغزوة بدر الكبرى وقعت غزوة بدر في اليوم السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة، وسببها أنّ رسول الله بعث مجموعةً من أصحابه لمُقاطعة القافلة التجاريّة الآتية من الشام إلى مكّة، والتي كان يقودها أبو سفيان، ولم يكن رسول الله يريد القتال، لكنّ أبا سفيان أرسل إلى قريش يستنجدهم لحماية القافلة، فخرجت بجيشٍ يضمّ ألف مقاتلٍ، أمّا عدد المسلمين فقد بلغ ثلاثمئة وثلاثة عشر أو أربعة عشر مقاتل، فاستشار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه المهاجرين، فأشاروا عليه بالجهاد، أمّا الأنصار فقام سيّدهم سعد بن معاذ مخاطباً رسول الله يؤيّده في القتال وخوض غمار المعركة. [١٤] سار النبيّ بأصحابه حتى وصل ماء بدر، فقام الحبّاب بن المنذر إلى رسول الله يسأله إن كان مجيئه إلى هذا المكان بوحيٍ من الله أم برأيه، فأجابه الرسول أن ذلك رأي الحرب، فاقترح عليه الحبّاب تغيير المكان بهدف قطع الماء عن المشركين، وأشار سعد بن معاذ إلى إقامة عريشٍ للنّبي خلف صفوف المسلمين، وبالفعل قاموا ببنائه، فرتّب رسول الله صفوف المسلمين، وحثّهم على القتال، ثم عاد إلى عريشه ومعه أبو بكر الصديق وسعد بن معاذ ، وأخذ رسول الله يدعو ربّه قائلاً: (اللَّهُمَّ إنِّي أنْشُدُكَ عَهْدَكَ ووَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إنْ تَشَأْ لا تُعْبَدْ بَعْدَ اليَومِ).
مقتل أهم قادة قريش: قتل خلال هذه الغزوة الكثير من قادة المشركين ومن أهمهم أمية من خلف والذي كان أشد المعاندين للرسول صلى الله عليه وسلم والذي عذب بلال بن رباح، وأبو جهل الذي تعهد بقتل الرسول عند رؤيته ويسبه دائماً، وعبيدة بن سعيد بن العاص والذي قتل على يد الزبير بن العوام، والعديد من القادة الآخرين. من نتائج غزوة بدر. تحول المسلمين لقوة لا تقهر: حيث زرعت هذه الغزوة الذعر في قلب المشركين حيث تحولت نظرة الاستخفاف التي كانوا ينظرون للمسلمين بها، إلى قوة لا يستهان بقدراتها. استرداد المسلمين جزء من أموالهم وهيبتهم: كان لهذه لغزوة دور في استرداد المسلمين جزء من أموالهم المسلوبة من قبل المشركين ومن أجل رد هيبتهم إزاء ممارسات قريش على المسلمين. متى وقعت غزوة بدر كان تاريخ وقعة هذه الغزوة في شهر رمضان المبارك في صباح يوم السابع عشر من الشهر المبارك وفي سنة اثنان الهجرية، بدأ القتال ما بين المسلمين والمشركين حيث قام المشركين بالزحف نحو مواقع وجود المسلمين، استمر القتال من صباح اليوم حتى ظهر اليوم ذاته، وكان قد كتب الله النصر للمسلمين بعد أن سقط من المشركين (سبعين) قتيل كما قام المسلمين بأُسر (سبعين) من المشركين، وانتهت المعركة بهزيمة المشركين وفرارهم.
اقرأ أيضًا: عاجل | بسبب ارتفاع درجات الحرارة.. تحذير جديد من «الأرصاد» للمواطنين