ويظهر من تلك الوصية ما كان يتمتع به الكندي من تواضع العلماء، فعلى الطبيب ألاَّ يتكبَّر على المريض، وأن يحمد الله على هذه النعمة التي أنعمها الله عليه، فكما يحبُّ أن يقال: إنه سبب عافية المريض. إنجازات علماء المسلمين في الطب. فليحذر أن يقال: إنه سبب تلفه وموته. ومن وصاياه –أيضًا- ما ذكره ابن أبي أصيبعة في وصيته لولده ، يقول الكندي: "يا بني، الأب رب، والأخ فخ، والعم غم، والخال وبال، والولد كمد، والأقارب عقارب، وقول لا يصرف البلا؛ وقول نعم يزيل النعم؛ وسماع الغناء برسام حادٌّ؛ لأن الإنسان يسمع فيطرب، وينفق فيُسرف، فيفتقر فيغتمّ، فيعتلّ فيموت، والدينار محموم فإن صرفته مات، والدرهم محبوس فإن أخرجته فرَّ؛ والناس سخرة، فخذ شيئهم واحفظ شيئك، ولا تقبل ممن قال اليمين الفاجرة؛ فإنها تدع الديار بلاقع". ويُعَلِّق ابن أبي أصيبعة على هذه الوصية، ويذكر وصف ابن النديمُ للكندي: أنه كان بخيلاً. ونحن نقول: إن هذه الوصية تَظهر فيها فلسفة الكندي، واضحة جلية؛ فالأب ربٌّ؛ لأنه ربُّ الأسرة وحاميها، ومن يحميها إلاَّ صاحبها، والأخ فخ؛ إذا ساءت العلاقة بين الأخوين وراح كل منهما يكيد للآخر، ويصطنع له المكائد، والعم غم؛ إذا طمع في أموال أبناء أخيه، فسار غمًّا لهم، يجلب لهم النقم، وهكذا يمضي الكندي في فلسفته، وليس هناك ما يدلُّ على بخله، وإن كانت هناك بعض الحيطة في الأمر، خاصَّة وهو يوصي ابنه، وإلاَّ كان قد تداول الأمر عنه، فلم يقل أحد بذلك إلاَّ ابن النديم.
قال الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، وأحد علماء الأزهر الشريف، إن القلوب تتجدد في أيام رمضان معاني وأنوار، لأنه يخاطب النفس والعقل والروح والنفس والجسد، والله عز وجل جعل العبادات والشرائع والأحكام أنوارا وهدايات تحمل بها تلك الشرائع لتزكي كل قوة من القوى المكونة للإنسان. فضل بعض علماء الطب المسلمين في تطوير العلوم الطبية (1). رمضان يوقظ معاني كبيرة في النفوس وأضاف أسامة الأزهري ، خلال تقديمه برنامج «لحظة صفا»، المذاع على «راديو 90 90»، اليوم الخميس، أن شهر رمضان ليس فقط شهر القرآن أو الكرم، ولكن هناك كم المعاني الكبيرة التي يحركها رمضان ويوقظها ويوقدها في النفوس. وأشار إلى أن شهر رمضان شهر الكرم والقرآن والأدب والدعاء والتقوى واليسر والكمال وقبول العذر والصبر والقرب والطمأنينة والهدى، ويأتي رمضان محملا بالأنوار لكي يرسل الرسائل الإلهية السامية إلى كل جزء من أجزاء الإنسان. ولفت إلى أن الرسائل الإلهية الموجودة في كل شيء، مثل الصيام والصلاة والحج والقيم والأخلاق والقرآن، كما أنها موجودة في الكون مستشهدا بقوله تعالى: «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم» ففي كل شيء يحيط بالإنسان رسالة إلهية. وتابع: «عندما تحدثنا عن الحلقات السابقة عن هذه العلاقات التي يرتبط بها رمضان جاء الوقت لكي نكشف عن ارتباط جديد، ألا وهو الهمة، فمن الحاجات التي يحاول أن ينميها رمضان في نفس الإنسان أن يبعث في نفسه معنى التعلق بالكمال والصعود والارتقاء وعدم الركون للكسل أو التراخي».