صديقى متوفى منذ سنة تقريبًا وأدعو له كثيرا، فهل يعلم المتوفى بمن يدعو له؟.. سؤال أجابت عنه لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، وجاء نص الجواب: "الذى يظهر لنا من خلال مراجعة أقوال أهل العلم فى هذا الشأن: أن المتوفى يعلم بمن يدعو له لأنه يصل إليه الثواب وينتفع به لذلك روى البيهقى والبزار من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال: "إن الله تبارك وتعالى ليرفع للرجل الدرجة فيقول: رب أنى لى هذه الدرجة؟ فيقول: بدعاء ولدك لك. وقال الحافظ فى الفتح: وفى الحديث جواز الصدقة عن الميت وأن ذلك ينفعه بوصول ثواب الصدقة إليه ولاسيما إن كان من الولد.
حياك الله السائل الكريم، وأسأل الله أن يرحم صديقك وجميع أموات المسلمين ويرفع درجاتهم، وأعلم أخي أنَّ حياة البرزخ التي يصير إليها الأموات بين الدُّنيا والآخرة لها قوانينها وأحكامها التي اختصَّ الله بها، وأنَّه لا سبيل لنا للاطلاع عليها بغير الخبر الصَّادق عن الوحي النَّبوي. وقد نقل الإمام النووي الإجماع في انتفاع الأموات بالدُّعاء ووصول ثوابه لهم، فقال: "أجمع العلماء على أنّ الدعاء للأموات ينفعهم ويَصلُهم ، مستدلين بقول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا ولإِخْوَانِنا الَّذين سَبَقُونا بالإِيمَانِ) ". هل يعرف الميت بمن يدعو له و هل يفرح بذلك. "سورة الحشر:10" وإنّ أفضل ماينفع الشخص بع موته هو الدّعاء له ودليل ذلك حديث أبو هريرة قال ( إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له)، "أخرجه مسلم" فإنَّ الدُّعاء للميِّت من أفضل أنواع البرِّ والصِّلة، التي يكون الميِّت في أشدِّ الحاجة إليها؛ لما تلحقه من الرحمات والتَّخفيف عنه في قبره. وتُبيِّن الأحاديث لنا أحوالاً كثيرةً عن حياة البرزخ، وحال أهلها من الصَّالحين ومن المسرفين، وأنَّهم ليسوا على سواءٍ في شعورهم واطلاعهم على أهل الدُّنيا، وأنَّ الميِّت يساء ويُسرّ بأعمال أهله من الأحياء، فعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنَّه كان يقول: (إن أعمالكم تُعرض على موتاكم، فيسرّون ويساؤون).
ومن تركها كفر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب عليك أن تتوبي إلى الله مما سلف، وأن تستقبلي زمانك بالصلاة والمحافظة على دين الله، وأن تسألي عما أشكل عليك من دينك أهلَ العلم، أو من طريق هذا البرنامج بالمكاتبة، وسوف تجدين إن شاء الله في هذا البرنامج ما يكفي ويشفي. وأما كون الميت يطلع على أحوال أهله ويعلم أخبارهم فهذا لا دليل عليه، قد قاله بعض الناس في بعض مرائيهم وزعموا أنهم يرون بعض موتاهم وأنهم يخبرونهم ببعض ما قد يقع، ولكن هذا لا يعول عليه، المرائي المنامية لا يعول عليها في أشياء من علم الغيب، ولكن على المؤمن أن يحرص على الإحسان إلى أمواته سواء عرفوا أو ما عرفوا، عليه أن يحرص الدعاء لهم والترحم عليهم وعلى الصدقة عنهم، وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم، عليه الصلاة والسلام- قال له رجل: يا رسول الله! هل بقي من بري أبوي شي أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال: (نعم، الصدقة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما -يعني وصاياهما الشرعية- وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلى بهما)، فالدعاء للميت والاستغفار له والترحم عليه والصدقة عنه كل هذا ينفعه في حياته وبعد مماته.
هل يعرف الميت من دعا له فالدعاء للميت من أهم الأعمال الباقية له في الدنيا ويجب على ذويه الاهتمام بالدعاء له والتصدق عليه حتى تُسقط عنه سيئاته ويتم محو ذنوبه في الحياة في الدنيا، وسوف نعرف من خلال السطور التالية مدى صحة هذا السؤال عبر موقع جربها. هل يعرف الميت من دعا له يشعر الميت بمن يدعو له ويشعر به بل ويفرح بهذا الدعاء ويسعد بزيارته، ويرد السلام على من يُلقي عليه السلام كما أشار الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام في أحد الأحاديث الشريفة، ومن المستحب للمسلم زيارة قبور الموتى والسلام عليهم والدعاء لهم. فالميت يشعر بالدعاء له لأنه ينتفع بهذا الدعاء كما جاء في حديث رواه أبو هريرة عن الرسول الكريم وهو،(إن الله تبارك وتعالى ليرفع للرجل الدرجة فيقول، رب أنى لي هذه الدرجة؟ فيقول: بدعاء ولدك لك)، كما أن ثواب الصدقة يصل إلى الميت أيضاً خاصة لو كانت من أولاده. اقرأ أيضًا: هل يرى الميت أهله بعد موته الدعاء للميت في السنة النبوية الشريفة والأمر المؤكد أن الميت يحس بمن يلقي السلام عليه في المقابر والدليل على ذلك أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان يعلم الصحابة أن يلقوا السلام على الموتى في المقابر وذلك بقول( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ"، حديث مؤكد في صحيح مسلم.
وأما قول السائل الكريم: هل يعرفون أنها مني ؟ فالظاهر - والله أعلم - أن يعلمون ذلك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك. رواه ابن ماجه و أحمد ، وحسنه الألباني. وقد تعرضنا قبل ذلك لبعض المسائل المتعلقة بأحوال الموتى كسماعهم كلام الأحياء وعلمهم بما يجري في الدنيا، فراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 121613 ، 54990 ، 72205 ، 72205. كما سبق لنا بيان المقصود بصلاح الولد وأنه الإيمان وأداء الفرائض واجتناب الكبائر، فراجع الفتويين: 51983 ، 59144. وقال المناوي في (فيض القدير)، ومحمد بن عمر النووي في (شرح لباب الحديث): ولد صالح أي مسلم. انتهـى. وقال القاري في (مرقاة المفاتيح): ولد صالح أي مؤمن، كما قاله ابن حجر المكي. انتهـى. وعلى ذلك فتقصير الإنسان في بعض الأمور أو ارتكابه لبعض الذنوب، لا يمنع والديه من الانتفاع بدعائه وصدقته عنهما. والله أعلم.