وللجار على جاره حقوق لا بد من وفائها من خلال ما ذكرناه سابقاً فإن للجار على جاره حقوق لا بد من وفائها، فهي ما تجعل العلاقة بين الجيران علاقة بناءة ومفيدة، ويمكن إجمال هذه الحقوق كما يلي: كفُّ الأذى أولى حقوق الجار على جاره، فالجار الحق من كفَّ يده ولسانه عن جيرانه، فلا يؤذي جاره بقول أو بفعل. كتمان السرِّ في طليعة حقوق الجار على جاره، فالجار مطلع على أسرار جاره بما يسمعه ويراه كذلك بما يقال له، ومن حسن الجوار ألا يفشي الجارُ أسرار جاره وخصوصياته، كما لا يجوز للجار أن يتنصت أو يختلس النظر والسمع، فالحفاظ على حرمة البيوت أيضاً من واجبات الجار تجاه جاره. من واجبات الجيران أن يكونوا معاً في السراء والضراء، فيواسي أحدهم الآخر في مصابه ويهنئه في أفراحه، ولطالما سمعنا كيف يجمع الجيران من بعضهم المال ليفكوا كرب أحدهم. الحرب الأوروبية 2022. كما أن ردَّ السلام من أول حقوق الجار على جيرانه. للجار أن يعتب على جيرانه إذا بدر منهم ما يؤذيه، ولا يجوز أن يلجأ لافتعال المشاكل أو الردِّ على الإساءة بالإساءة، فإذا الجار وجد جاره يرد السيئة بالحسنة استحى وبادله الإحسان. من حقوق الجار أيضاً أن يتكأ على جاره في المحن ويطلب منه العون على قدر استطاعته، فإن أعانه وجده في أيام قادمة.
وصاة الإسلام بالجار شديدة بلغت منزلة القرابة الموجبة للتوارث، فعن رجل من الْأَنْصَار أنه قَالَ: خرجت مَعَ أَهلِي أُرِيد النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَإِذا بِهِ قَائِم، وَإِذا رجل مقبل عَلَيْهِ، فَظَنَنْت أَن لَهُ حَاجَة، فَجَلَست، فوَاللَّه! لقد قَامَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى جعلت أرثي لَهُ من طول الْقيام، ثمَّ انْصَرف، فَقُمْت إِلَيْهِ، فَقلت: يَا رَسُول الله، لقد قَامَ بك هَذَا الرجل حَتَّى جعلت أرثي لَك من طول الْقيام، قَالَ: "أَتَدْرِي من هَذَا"؟ قلت: لَا، قَالَ: جِبْرِيل - صلى الله عليه وسلم - مَا زَالَ يوصيني بالجار؛ حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورِّثه". رواه أحمد وجوّده المنذري. كلام عن الجاره. وقال أبو أُمَامَة - رَضِي الله عَنهُ -: سَمِعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ على نَاقَته الجدعاء فِي حجَّة الْوَدَاع يَقُول: " أوصيكم بالجار " حَتَّى أَكثر، فَقلت: إِنَّه يورثه. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد. وبات الجوار معياراً لإيمان المرء زيادة ونقصاً، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَه" رواه البخاري ومسلم، وقال: "وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ" قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ" أي: شروره.
فيمكن للإنسان أن يخرج عن إيمانه لمجرد أنه يعلم أن جاره جائع، ولم يطعمه. وهذا يوضح لنا أهمية إحساننا إلى جارنا، وبرنا به. كذلك ينبغي أن ننظر إلى نقطة مهمة ألا وهي؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه لم يحدد ديانة ذلك الجار. فلم يقل من بات شبعاناً وجاره من المسلمين جائع وهو يعلم به. أو لم يقل من بات شبعاناً وجاره يهودياً أو مسيحياً. بل قال: من بات شبعاناً، وجاره جائع بجنبه، وهو يعلم به؛ لم يؤمن بي. لذلك فالإسلام هنا أقر البر والتراحم بين الجيران بغض النظر عن الدين. فديننا دين التسامح، والأخلاق، وليس دين العنصرية والتفرقة. أيضاً ينبغي للمسلم أن ينتبه إلى كل ذلك، وأن يقوم بفعله، احتساباً لوجه الله. حتى يفوز بالجنة التي ذكرها الله، وأعدها لمن أطاعه، هو ورسوله، وكان دمث الخلق مع الآخرين، ابتغاء وجهه. اخترنا لك أيضا: كيفية التخلص من الجار المزعج خاتمة موضوع تعبير عن الجار وبعد أن تناولنا مقام الجار، فينبغي علينا أن نعلم أن في الإحسان له الجنة وفي الإساءة له ذنب عظيم. فلا نؤذيه، أو نرهقه، أو نتعدى على ما يملكه، وما إلى ذلك من كل أشكال الإساءة التي نراها حالياً. كذلك فلا يقتصر حق جارك عليك بعدم إزعاجه.