* الأنبياء والابتلاء: بالابتلاء يُرفع شأن الأخيار، ويعظم أجر الأبرار، يقول سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً ؟ قال: « الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة، زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، وما يزال البلاء في المؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة » (رواه البخاري). وطريق الابتلاء مَعْبر شاق، تعب فيه آدم، ورمي فيه في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل، وأُلقي في بطن الحوت يونس، وقاسى الضر أيوب، وبيع بثمن بخس يوسف، وألقي في الجب إفكاً وفي السجن ظلماً، وعالج أنواع الأذى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنت على سنة الابتلاء سائر، والمؤمن يبتلى ليهذب لا ليعذب، والمصيبة حقاً إنما هي المصيبة في الدين، وما سواها من المصائب فهي عافية، فيها رفع الدرجات وحط السيئات، فلا تأس على ما فاتك من الدنيا، فنوازلها أحداث، وأحاديثها غموم، وطوارقها هموم، فالأنبياء لما ابتلوا صبروا، فاصبر أيها المبتلى كما صبر صفوة البشر عليهم الصلاة والسلام لعل الله أن يحشرك معهم في الآخر.
على أننا ننبهك ـ أخي الكريم ـ إلى أن الخير والصلاح ، والهدى والفلاح ، في الجنة والآخرة ، ليس له باب واحد ، بل له أبواب كثيرة ؛ فمن عجز عن باب العلم ، فعنده من العلم أبواب ، يعوض بها ما فاته من العلم وفضله ، فإن كنت ذا مال ، فأنفق في سبيل الله ، وجاهد بمالك ، وإن ذا قوة ، فعندك الصوم فإنه لا عدل له ، وعندك الصلاة فإنها خير موضوع ، وعندك الحج والعمرة ، وعندك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعندك الذكر والتسبيح وتلاوة القرآن... ، وعندك من الخير أبواب وأبواب ، وكل ميسر لما خلق له ، ولا يهلك على الله إلا هالك. نسأل الله أن يوفقك ، ويهديك ، ويثبتك على الخير. وينظر – للاستزادة -: أجوبة الأسئلة: ( 49039) و ( 49004) و( 43021) و ( 34732) و ( 11010) و ( 85362). والله الموفق
عندها قلت لها ألك حاجة؟ قالت: نعم. إن أنت قدمت بلدتنا هذه أن تنزل عليّ, فغبت عنها كذا وكذا سنة, ثم أتيتها فلم أر ببابها أنيساً, فاستأذنت عليها فإذا هي ضاحكة مسرورة, قلت لها ما شأنك؟ قالت: إنك لما غبت عنا لم نرسل في البحر شيئاً إلا غرق, ولا في البر شيئاً إلا عطب, وذهب الرقيق ومات البنون, فقلت لها: يرحمك الله رأيتك محزونة في ذلك اليوم ومسرورة في هذا اليوم؟ فقالت: نعم إني لما كنت فيه من سيئة الدنيا خشيت أن يكون الله قد عجل حسناتي في الدنيا, فلما ذهب مالي وولدي ورقيقي رجوت أن يكون الله قد أدخر لي عنده خيراً ففرحت (١). اعلم أخي الكريم أن الرضا بالمصائب أشق على النفوس من الصبر, وقد تنازع العلماء والمشايخ في الرضا بالقضاء هل هو واجب أو مستحب, على قولين فعلى الأول يكون من أعمال المقتصدين, وعلى الثاني يكون من أعمال المقربين ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية, فالعبد قد يصبر على المصيبة ولا يرضى بها, فالرضا أعلى من مقام الصبر, لكن الصبر اتفقوا على وجوبه والرضا اختلفوا في وجوبه, والشكر أعلى من مقام الرضا, فإنه يشهد المصيبة نعمة, فيشكر المبلى عليها قال عبدالواحد بن زيد: الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا وسراج العابدين (٢).