فهذا ظنُّ الذين ما قدَروا اللهَ حقَّ قدرِه إذ توهَّموا أنَّ للزمانِ "سيرورةً" متحررةً من كلِّ ما يجعلُها مقيدةً بقوانينِ اللهِ قديمَها ومُحدثَها! ومن "مُحدَثِ قوانينِ اللهِ تعالى" ما تجلَّى منها يومَ "سلَّمَ" اللهُ تعالى فحالَ بذلك دون أن تنتهيَ الحياةُ كما نعرفُها على الأرض جراءَ حماقاتِ مَن طغى من بَني آدمَ فيها فأفسدَ فيها وتجبَّر! عندما كان العالمُ على شفيرِ الحربِ العالميةِ الثالثة… وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ – التصوف 24/7. فلقد كان العالمُ على موعدٍ مع "محرقةٍ نووية" حتَّمتها الأسبابُ التي تظاهرت واحتشدت فجعلت منها أمراً مقضياً محتوماً، وذلك عندما تسابقَ كلٌّ من الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية والاتحادِ السوفيتي، في أكتوبر/1962، أيُّهما هو الأكثر قدرةً على الاستعلاءِ في الأرض، فكان أن حُشِّدت الأساطيلُ، وجُهِّزَت الصواريخُ، وجُيِّشت الجيوش، استعداداً من كِلا الطرفَين لخَوضِ "المعركةِ النهائيةِ الفاصلة". وبذلك ابتدأت "ملحمةُ الأيامِ الثلاثةِ عشر"، التي لولا أنَّ اللهَ تعالى تدخَّلَ تدخُّلاً مباشراً فحالَ دون أن تصِلَ الأمورُ بأسبابِها المحتومة إلى نهاياتِها، لانتهت الحياةُ على الأرضِ. فكان أن "سلَّمَ اللهُ" وجعلَ القوتَين النوويتَين تتراجعانِ "في اللحظةِ الأخيرة" عن تدميرِ بعضِهما البعض وتدميرِ الأرضِ كلِّها جميعاً!
سُدُّوا الخَللَ ولِينوا بأيدي إخوانِكم المُسلمينَ في كلِّ مكانٍ، وشَارِكوهم ما يُعانونَه من المَصائبِ والمآسي والأحزانِ. سووا صفوفكم وسدوا الخلل في علاقتكم مع ربكم، ولا تدعوا فُرُجات للشيطان ينفذ منها فيشغلكم بشهوات وشبهات تُضْعِف سيركم إلى الله؛ فتكونوا ممن قالوا: ( يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا)[الأحزاب:66]. سدوا الخلل في علاقتكم مع أهليكم وأقاربكم وجيرانكم، ولا تدعوا فرجات للشيطان فكم من كلمة جارحة أو مزحة ثقيلة أو وشاية كاذبة أحدثت فُرجة نفذ من خلالها شيطان فتفرقت القلوب وسادت الشحناء والبغضاء. سدوا الخلل في علاقتكم مع زوجاتكم، ولا تدعوا فُرجات للشيطان توصلكم إلى الخلاف والشقاق، وتجعل مآل بيوتكم الافتراق والطلاق. سدوا الخلل في عبادتكم، ولا تدعوا فُرجة للشيطان ينفذ من خلالها بالعجب والرياء فتكونوا ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا. سووا صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم وقلوبكم، ولا يستخفنّكم من طالت أعمارهم وقصرت عقولهم، فغرّدوا بأمنيات ونداءات بأن يستمر التباعد ويسخرون -سخر الله منهم- من سنة المحاذاة بين المناكب والأكعب، فأولئك ما قدروا الله حق قدره وما عظّموا شعائره، وقست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون.
وتعريفها: ((ممارسة التأثير النفسي (السايكولوجي) وذلك بغرض تقوية وتدعيم الروح لأفراد الأمة، وتحطيم الروح المعنوية لأفراد العدو)). (1) هذه الحرب النفسية تهتم بها اليوم أغلب الدول، خاصة الكبيرة منها لتوظيفها في تحقيق مصالحها وأهدافها في السيطرة على الشعوب المستضعفة لتطويعها ونهب ثرواتها، الحرب النفسية من عوامل الانتصار لمن يوظفها لصالحه. القرآن الكريم أشار إلى هذا العامل النفسي لأهميته في تحقيق الانتصار، والعامل النفسي له وجهان إيجابي وسلبي، الإيجابي ما يترك من أثر في نفوس من يُوظَف هذا العامل لخدمته، إذ يساهم في خلق الحماس وتحفيز النفوس للقتال من خلال الصورة التي يرسمها للمقاتلين، والعامل السلبي هو الذي يترك أثرا نفسيا قلقا وخوفا وهلعا في نفوس المقاتلين. الآية 43 من سورة الانفال أعطت زخما قويا لنفوس المقاتلين، نستطيع أن نسميه تسديدا إلهيا للمقاتلين في أحداث معركة بدر، والتسديد الإلهي قد يأتي من دون أن نشعر به، لكن الله سبحانه في معركة بدر أخبر نبيه بهذا التسديد كتكريم للنبي (ص) وعند بعض المفسرين يدخل في باب الإعجاز. يقول البيضاوي في تفسير الآية من سورة الأنفال: ((إذ يُريكهمُ الله في منامك قليلا)) يقللهم في عينك في رؤياك وهو أن تخبر به أصحابك فيكون تثبيتا لهم وتشجيعا على عدوهم.