كثيرًا ما ارتبط شعور الأمان والفرح ببدء هطول المطر ، فما إن تبدأ تباشيره ببضع قطرات حتى شعر الناس بأن الخير قادم، فحبات المطر التي تهبط على عطش الأرض تروي القلوب والأرواح قبل أن تروي الأرض، وليس أجمل من شعور رؤية القطرات الناعمة تتجمع على أوراق الشجر وأغصانه وتروي التراب لتحيي البذور الكامنة فيه فتتهيّأ لقدوم فصل الربيع، ومهما كان المطر كثيرًا يظلّ الناس يطلبون قدمونه ويرجون من الله العظيم أن يمنّ عليهم بالمزيد منه، لأن المطر هو الحياة بأجمل معانيها وأروع تجلّياتها، وهو أحد رموز الخير الوفير وأساس قيام الحضارات. وصف الثلج الثلج مرتبطٌ دومًا بالمرح وضحكات الصغار وتسبيح الشيوخ والكبار، فهو موسمٌ لإعلان اللون الأبيض سيدًا وحاضرًا في كلّ مكان ، وما إن تبدأ حبات الثلج بالهطول حتى تبدأ الضحكات بالتعالي، وترتسم في القلوب فرحة لا مثيل لها، فالناس يستقبلون الثلج كما أنه يوم عيدٍ قادم إليهم، ويعدّون انتظارهم له بمثابة انتظار للفرح والخير. إنّ أجمل ما في الثلج هو المنظر الذي تتساقط فيه حباته رويدًا رويدًا فتتجمع لتكوّن معًا لونًا أبيض ناصعًا يغمره اللمعان وتملؤه الدهشة، حتى أنّ الناس يتهيأون لقدوم الثلج بالعديد من المشاريع التي يخططون لها في رؤوسهم، فالبعض يجهز له الملابس المناسبة حتى يلعب بحبات الثلج أثناء سقوطها وبعد تراكمها، والبعض يظلّ متسمرًا عند النوافذ وهو يراقب تراكمه ويتمنى كما لو أنه يستمر بهذا التراكم أكثر ما يمكن.
مجرد أن أراقب الريح وهي تزمجر في الخارج من نافذة غرفتي، أحاول أن أصغي إلى هديرها القوي وأفهم ما تودّ البوح به من كلمات، فأنا أعتقد أن الريح محملة بالكثير من الرسائل التي تبوح بها للأشجار والنوافذ والحجارة والجبال ، وكأنها تخبر عن مغامراتها الكثيرة وهي تتنقل ما بين مكانٍ ومكان لتعلن قدوم فصل الشتاء بكلّ ما فيه من جمال ودهشة ليس لها مثيل. وصف المطر فصل الشتاء يعني المطر بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ رائعة، فالمطر هو الخير وهو الجود والعطاء، وهو ميلاد للأرض وبوحٌ للسماء، وهو عطاءٌ ينعم الله به علينا وتحمله السحب مثل هدية سماوية للأرض العطشى، فما أجمل المطر وهو يهطل بغزارة ويرسم الربيع القادم بأجمل طريقة! موضوع تعبير عن الشتاء - سطور. فالمطر حياة لكلّ شيء، وإعلان لبدء مواسم الفرح ويعزز الشعور بالسعادة ، لهذا يبحث عنه الناس في كلّ مكان وينتظرون قدومه بفارغ الصبر، واليوم الذي يهطل فيه المطر يكون بمثابة يوم عيد تتزين به الشوارع التي تبتلّ بقطرات الماء النقية، وتنتعش الأشجار والأزهار ويفوح عطرها من جديد. المطر هو الهوية الثابتة لفصل الشتاء ، وكأنه شلالٌ ينهمر من السحب العالية فلا يجد الإنسان أي وسيلة للتوقُّف عن تأمل هذا المشهد الرائع المسكون بالدهشة، فيشعر بأنه قطرات المطر تُداعب قلبه ووجهه وروحه، وتنهمر على لهيب القلب لتحوله إلى فرحٍ كبير، فالمطر انطلاقة نحو الحياة، ومجرد سماع صوته يريح النفس ويهدئ البال ويبث فيه السكينة والطمأنينة، ويجعل من اليوم مليئًا بالطاقة الإيجابية، كما أنّ مراقبة المطر والمشي تحته تُساعد الإنسان في تخطي جميع أحزانه، وكأنه يهبط من السماء ليستقر في القلب ليطفئ لهيبه ويبدله فرحًا، وكأن السماء تبكي لتضحك الناس فرحًا بالمطر.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾؛ أي: ما ذكر من الإيمان والقرآن؛ معناه: قل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا: أيها الناس، قد جاءكم من ربكم الحق، وإليه التوفيق والخذلان، وبيده الهدى والضلال، ليس إليَّ من ذلك شيء. ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ هذا على طريق التهديد والوعيد؛ كقوله: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ [فصلت: 40]، وقيل معنى الآية: وقل الحق من ربكم، ولست بطارد المؤمنين لهواكم، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا، فإن كفرتم فقد أعدَّ لكم ربُّكم نارًا أحاط بكم سرادقها، وإن آمنتم فلكم ما وصف الله عز وجل لأهل طاعته. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية: من شاء الله له الإيمان آمن، ومن شاء له الكُفْرَ كَفَرَ، وهو قوله: ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الإنسان: 30]. وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن. ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا ﴾ أعددنا وهيَّأنا من الإعداد، وهو العدة ﴿ لِلظَّالِمِينَ ﴾ للكافرين ﴿ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ﴾ "السُّرادق": الحجرة التي تطيف بالفساطيط. أخبرنا أبو بكر محمد بن عبدالله بن أبي توبة، أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي، أنبأنا عبدالله بن محمود، أنبأنا إبراهيم بن عبدالله الخلال، أنبأنا عبدالله بن المبارك، عن رشدين بن سعد، حدثني عمرو بن الحارث، عن دراج بن أبي السمح، عن أبي الهيثم بن عبدالله، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((سرادق النار أربعة جُدُر، كثف كل جدار مثل مسيرة أربعين سنة)).
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنبأنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثني عمرو بن الحارث عن دراج بن أبي السمح عن أبي الهيثم بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: " سرادق النار أربعة جدر كثف كل جدار مثل مسيرة أربعين سنة ". قال ابن عباس: هو حائط من نار. وقال الكلبي: هو عنق يخرج من النار فيحيط بالكفار كالحظيرة. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الكهف - الآية 29. وقيل: هو دخان يحيط بالكفار وهو الذي ذكره الله تعالى: " انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب " ( المرسلات - 30). ( وإن يستغيثوا) من شدة العطش ( يغاثوا بماء كالمهل) أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال حدثنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثنا عمرو بن الحارث عن دراج بن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ( بماء كالمهل) قال كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه فيه ".
(تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ) قال الطبري: ألم تر يا محمد إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك من المنافقين، وإلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل من قبلك من أهل الكتاب يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله، يعني بذلك: وإذا قيل لهم تعالوا هلموا إلى حكم الله الذي أنزله في كتابه، وإلى الرسول ليحكم بيننا رأيت المنافقين يصدون عنك، يعني بذلك: يمتنعون من المصير إليك لتحكم بينهم، ويمنعون من المصير إليك كذلك غيرهم: صدوداً. (رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) أي: رأيت المنافقين يصدون عنك، يعني بذلك: يمتنعون من المصير إليك لتحكم بينهم، ويمنعون من المصير إليك كذلك غيرهم (صدوداً). بخلاف أهل الإيمان الذين قال الله فيهم (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون). (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي: فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم، واحتاجوا إليك في ذلك.