وثانيْ قواعدِ الدين: الصلواتُ الخمسُ المفروضةُ في كلِّ يومٍ وليلة، يقفُ العبدُ فيها بينَ يديْ مولاهُ متضرعاً إليه، طامعاً في فضلِه، خائفاً من بطشِه، فيزدادُ إيمانُه، ويَعْظُمُ يقينُه، ويطمئنُّ قلبُه، وتَسْكنُ نفسُه، وتستنيرُ دُنياهُ وآخِرَتُه، فما أعظمَ هذه الصلاةَ التي هيَ صلةٌ عظيمةٌ بينَ العبدِ الفقيرِ المسكين، وربِّه الملكِ الغنيِّ الحميد. فحافظوا عليها، واحذروا من تضييعها؛ فإنَّ الصلاةَ حدٌّ فاصلٌ بين الإسلامِ والكفر، قال ﷺ: "من تركها فقد كفر". وثالثُ قواعدِ الدين: الزكاةُ المفروضةُ مَرّةً في العام، وهي جزءٌ قليلٌ من مالٍ كثير، يخرجهُ المسلم، فتزكو بها النفس، ويَنمو بها المال، وتَحُلُّ فيه البركة، ويُثاب عليها ثواباً لا مقدارَ له، وفي الزكاةِ سَدُّ حاجة الفقيرِ والمسكينِ والغارم، تُفرِّج هُموهَم، وتنفّسُ كُروبَهم، كما أَنّها تُؤلِّفُ بين أغنياءِ المسلمينَ وفقرائِهم، فما أحسنَ الزكاةَ وما أعظمَ نفعَها، فأخرجوها قبلَ أن تكونَ ناراً تُكوى بها جِباهُ المانعينَ وجنوبُهم وظهورُهم، في يومٍ كان مقدارهُ خمسينَ ألفَ سنة، نعوذ بالله من غضبه وعقابِه. الصبر والوعي أسباب تحمد عواقبها .. الحمد لله من قبل ومن بعد - هوامير البورصة السعودية. ورابع قواعد الدين: صيامُ رمضانَ مِن كُلِّ عام، شرعهُ اللهُ عَوْناً على التقوى، وتربيةً على الصبر، وترقيةً إلى درجةِ الإحسانِ وخشيةِ اللهِ بالغيب، كما أنّ فيه صلاحاً للأبدان، وتذكيراً بأحوالِ الضعفاءِ والمساكين، وتنبيهاً على نعمةِ الطعامِ والشراب، فإن النِّعمةَ إذا فُقِدتْ أو مُنِعتْ عُرِفَ قَدْرُها.
افرحوا في يومكم هذا بعيدكم، ووسعوا على أهليكم وعيالكم، فلكل قوم عيد وهذا عيدنا، ولا بأس أن يظهر الإنسان الفرح، ولكن عليه أن يكون فرحه من غير إظهار شيء من المحرمات كالرقص على آلات اللهو واستماع الأغاني وغيرها. ولا تنسوا إخوانكم الفقراء، أدخلوا عليهم البهجة والسرور، واسوهم، وتفقدوا أحوالهم، وأدخلوا السعادة في بيوتهم، وصلوا أرحامكم، والعيد فرصة لمن كان بينه وبين أرحامه قطع أن يتسامحوا ويتزاوروا حتى تعود المياه إلى مجاريها. ولا تنسوا إخوانكم المرابطين على حدود بلادنا حفظها الله من كل سوء، فنحن بين أولادنا في فرح وسعادة وهم في جهاد وغربة عن أولادهم، فنسأل الله أن يحميهم وينصرهم، وأن يحمي بلادنا ومقدساتنا وولاة أمرنا من كل سوء. نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. العضايلة مهنئا الملك: للّه الحمد من قبل ومن بعد | دبـــــــــــور | وكالة عمون الاخبارية. الخطبة الثانية الله أكبر سبعًا، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله بكرة وأصيلًا. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد: عباد الله: العيد فرصة للتسامح والتصافح ونبذ الشحناء من القلوب، فلتتصافح الأيادي، وتتطهر القلوب، وتسل منها السخيمة، وينزع منها الحسد والبغضاء والكراهية؛ قال صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: ((دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، وهي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين، والذي نفسي بيده، لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنون حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم؟ أفشوا السلام بينكم))؛ [رواه الإمام أحـمد بسند صحيح].
عبدالله، يسن في هذا اليوم قبل الصلاة الاغتسال والتنظف ولبس أجمل الثياب والتطيب، وأن يخرج المسلم ماشيًا من طريق ويعود من طريق؛ لحديث علي قال: ((من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيًا))؛ [أخرجه الترمذي]. ويسن قبل الخروج أن يأكل تمرات وترًا؛ لحديث أنس قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترًا))؛ [أخرجه البخاري]. خطبة عيد الفطر لعام 1443هـ. عباد الله، صلوا أرحامكم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه))؛ [رواه البخاري ومسلم]، واحذروا قطيعة الرحم؛ قال تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22]، فلا يحل لامرئ مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ. عباد الله، من كان عليه شيء من رمضان لم يصمها، فليبادر بقضائها قبل صيام الست من شوال، فالصحيح من أقوال أهل العلم ألا تُصام الست إلا بعد قضاء ما أفطر فيه العبد من رمضان، فالفرض أولى من النفل؛ والله يقول في الحديث القدسي: ((وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه))؛ [رواه البخاري]، وبادروا بعد القضاء بصيام الست من شوال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان، وأتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر))؛ [رواه مسلم]؛ أي: العام كله.
اللهم إن نعمك كثيرة علينا لا نحصيها ولا نحصي ثناء عليك ولا نقدر وأنت سبحانك كما أثنيت على نفسك وأنت سبحانك غني عن العالمين. سبحانك يا ربنا لك الحمد والشكر حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وعلو مكانك. اللهم لك الحمد والشكر مليء السموات والأرض وما بينهما ومليء ما شئت من بعد. اللهم لك الحمد والشكر عدد ذرات الكون في السموات والأرض وما بينهما وما وراء ذلك. بعدد ما سبح الملائكة الحافين حول عرشك الكريم وبعدد ما سبح من شيء يسبح بحمدك ولا نفقة تسبيحهم.. سبحانك اللهم وبحمدك.. سبحانك رب العرش العظيم.. والحمدلله رب العالمين. اللهم لك الحمد والشكر في السراء والضراء، وعلى أي حال تقدره لي الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد والشكر في الأولى ولك الحمد والشكر في الأخرة ولك الحمد والشكر من قبل ولك الحمد والشكر من بعد وأناء الليل وأطراف النهار وفي كل حين ودائماً وأبداً. سبحانك اللهم وبحمدك.. سبحانك رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمداً أبلغ به رضاك أؤدي به شكرك وأستوجب به المزيد من فضلك اللهم لك الحمد كما أنعمت علينا نعماً بعد نعم ولك الحمد في السراء والضراء ولك الحمد في الشدة والرخاء ولك الحمد على كل حال.
الخطبة الأولى الله أكبر كبيرًا، والحمد لله بكرة وأصيلًا. الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. الحمد لله الذي سخر الليل والنهار، والشمس والقمر، كل في فلك يسبحون. الحمد لله الذي جعل جنات الفردوس نزلًا يتنافس فيه المتنافسون. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنفع العبد يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أول من تفتح له أبواب الجنان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. أيها المسلمون: اليوم نعيش فرحتين يا عباد الله؛ الفرحة الأولى هي فرحتنا بعيد الفطر، والفرحة الثانية فرحتنا بأن هذا العيد هو أول عيد يجتمع فيه المسلمون بعد جائحة كورونا، فاجتمعنا بعد التفرق، وتقاربنا بعد التباعد، وعادت الحياة كما كانت، فالحمد لله على نعمته. إذًا اليوم يوم فرح، بالأمس كان آخر يوم من شهر رمضان الذي طالما انتظرناه، ودعونا الله أن يبلغنا إياه، والحمد لله حقق الله أمانينا، وبالأمس كان الوداع. فنقول: وداعًا يا شهر الجود والكرم، وداعًا يا شهر الصيام والقيام والقرآن، وداعًا يا شهر البر والإحسان، إنه فرصة العمر التي كانت بين أيدينا، هو فرصة الفلاح والنجاح لمن استثمره، وخيبة وخسارة لمن ضيعه، فليت شعري من المقبول منا فنهنيه، ومن المطرود المحروم منا فنعزيه؟ واليوم نفرح بهذا اليوم، إنه يوم عيد الفطر، هو عيدنا، نفرح لأن الله أعاننا على صيام رمضان بعد بلوغه، وأتم علينا هذه النعمة العظيمة بعد أن عشنا شهرًا كاملًا في أجواء إيمانية، النفوس مطمئنة، والصدور منشرحة، كل الناس مقبلة على الخير يا لها من ليالٍ وأيامٍ!
وحافظوا على ما رزقكم الله من وَفرةِ الأرزاق، وكثرةِ الخيرات، بالاقتصادِ في استعمالِها، واجتنابِ الإسرافِ والتبذيرِ فيها، والحذرِ من التفاخرِ بها.
سبحانك اللهم وبحمدك.. سبحانك رب العرش العظيم.. والحمدلله رب العالمين. اللهم لك الحمد والشكر في السراء والضراء، وعلى أي حال تقدره لي الحمد لله رب العالمين. الحمد لله رب العالمين الذي جعل لكل شيء قدراً، وجعل لكل قدر أجلاً، وجعل لكل أجل كتاباً. سبحانك يا رب لا يقال لغيرك سبحان وأنت عظيم البرهان شديد السلطان لا يعجزك إنس ولا جان. اللهم إن شكرك نعمة، تستحق الشكر، فعلّمني كيف أشكرك، الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك.