قال الله سبحانه وتعالى:" يا أيها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير "، الحجرات/13، ويقول النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في خطبته أيّام التّشريق:" يا أيها النّاس إنّ ربكم واحد، وأباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا أسود على أحمر، ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى، أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم "، رواه أحمد. وممّا لا شكّ فيه أنّ أولاد إسماعيل عليه السّلام وهم طائفة من العرب، يعتبرون أولاد عمومة مع ذريّة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى رسولنا أفضل الصّلاة والسّلام، وأمّا هذا الاجتماع في النّسب فإنّه لا يغير شيئاً من حقيقة ما هو قائم بين المسلمين واليهود من الافتراق في الدّين، فإنّ الله تعالى لا يعتبر الأنساب، قال سبحانه وتعالى:" فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون "، المؤمنون/101، ويقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:" ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه "، رواه مسلم عن أبي هريرة. (1) زوجات إبراهيم عليه السلام: إنّه من غير الممكن معرفة أسماء زوجات جميع الأنبياء والرّسل، ولا أن نعرف عددهم، وذلك لأنّ الأنبياء والرّسل أنفسهم لم يخبرنا الله سبحانه وتعالى بأسمائهم جميعاً، قال سبحانه وتعالى:" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ "، غافر/78.
فمعناه المنع من اعتماد ما عليه المنتسبون لهاتين الديانتين من معتقداتٍ وأحكام، وذلك لأنَّهم أي اليهود أدخلوا في شريعة موسى ما ليس منها، وأدخل النصارى في شريعة عيسى ما ليس منها، وهم حينما يدعون الناس إلى اليهودية والنصرانية فهم إنَّما يدعونهم إلى ما يعتقدونه مما جاء به موسى وعيسى (ع) ومما أضافوه من عند انفسهم وزعموا أنَّه قد جاء به موسى وعيسى (ع). ولد ابراهيم عليه السلام في النار. فمراد قول اليهود ﴿كُونُواْ هُودًا﴾ هو الدعوة إلى اليهودية التي أدخلوا عليها ما ليس منها وغيَّروا فيها ما كان منها، ومراد النصارى من قولهم للناس: كونوا نصارى هو الدعوة إلى النصرانية التي أدخلوا عليها ما ليس منها وبدَّلوا فيها ما كان منها. فنفي الآية الكريمة تحقُّق الهداية عند قبول ما يدعو إليه اليهود والنصارى من اعتماد دينهم نشأ عن أنَّ ما يعتقدونه ويدعون إليه ليس هو الدين الخالص الذي جاء به موسى وعيسى (عليهما السلام). وقد صرَّحت آية أخرى بذلك وهي قوله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾(13).