بعد حمل كل تلك الحيوانات إلى السفينة وأيضاً القوم المؤمن به، وبالتالي قد تم ملء السفينة بالقوم المؤمن بالله وبرسالة نوح عليه السلام السماوية. كما قد تم من بعد رحيل تلك السفينة في أمان حدوث اشتداد في الأمطار. حيث أصبحت أمطار غزيرة كما ارتفعت بشكل كبير في جميع نواحي الأرض تلك. تم حدوث التقاء بين المياه التي تتواجد في الينابيع مع مياه الأمطار الشديدة تلك، كما ارتفعت المياه الخاصة بأمواج البحر مع المياه. والتي تتواجد على الأرض، حتى أصبحت الأرض غرقانة بشكل كامل في وسط كل تلك الأمواج. غرق سفينة نوح وقد غرقت كل الأرض تلك بشكل كبير ومات القوم كله، ولم يتبق سوى السفينة الخاصة بنوح عليه السلام. هي التي قد نجت نجا معها نوح عليه السلام مع القوم المؤمن به كله. جرت سفينة نوح عليه السلام بشكل سليم وآمن كما أمر الله سبحانه وتعالى، أن تغرق الأرض تلك بالقوم كله ولا يتبق منهم أحداً. ومن ثم أمر بأن يتم توقف الطوفان تلك والتي استمرت لمدة طويلة، لم يتم التعرف عليها بأن تتوقف الامطار عن النزول نهائياً. وأيضاً تقوم الأرض بابتلاع ما نزل بها من مياه وأمطار، وتستقر الأمواج حتى تتمكن سفينة نوح عليه السلام من الوصول إلى بر الأمان.
[٨] [٩] ودعا عليهم سيّدنا نوح لأنهم لم يكتفوا بالكفر وحسب، بل كانوا سبباً في إضلال العباد، ونشر الفساد في الأرض، وكان كفرهم ينتقل إلى بَنِيهم بالوراثة، [٩] فأمره الله -تعالى- بصنع سفينة على اليابسة، حيث كان ذلك نوعاً من الخيال لجهل العقل وعدم معرفته بالغيب. [١٠] وعندما أنهى نوح -عليه السلام- صنع السفينة أمر الله الأرض أن تُخرج ماءها، وأمر السماء أن تنهمر بالماء وتُمطر، حيث قال الله -تعالى-: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ* وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) ، [١١] [٩] فصعد نوح - عليه السلام- ومَنْ معه على السفينة، وأغرق الله الكافرين، [١٠] وتجدر الإشارة إلى أن السفنية التي صنعها نوح -عليه السلام- كانت أول سفنية في التاريخ. [١٢] من ركب في سفينة نوح عليه السلام؟ قال الله -تعالى-: (حَتّى إِذا جاءَ أَمرُنا وَفارَ التَّنّورُ قُلنَا احمِل فيها مِن كُلٍّ زَوجَينِ اثنَينِ وَأَهلَكَ إِلّا مَن سَبَقَ عَلَيهِ القَولُ وَمَن آمَنَ) ، [١٣] [١٤] ويتّضح من خلال الآية السابقة أنّ مَن ركب في سفينة نوح -عليه السلام- كانوا كالآتي: [١٥] نوح -عليه السلام- وأهله: حيث ركب السفينة نوح -عليه السلام- وأولاده سام، وحام، ويافث، ونساؤهم.
لم يصمت قوم نوح بل سخروا منه قائلين: لم تركت حديثك الغريب عن الإيمان، وأصبحت نجارًا تصنع السفن والمراكب؟!! هل رأيت أن ذلك العمل أكثر ربحًا من الدعوة إلى ربك؟!! وتعجب قوم نوح كيف يصنع سفينة، وليس هناك بحرًا أو نهرًا لتبحر فيه السفينة!! هل ستجري تلك السفينة على الأرض؟! كانوا يظنون أنهم على حق، وأن نوح على باطل، وأن العذاب لن يقع عليهم أبدًا كما يحذرهم نوح. حينها كان يرد عليهم نوح أن ينتظروا وسوف يعرفون ما سيحل بهم؛ فيضحكون منه، ويطلقون عليه المجنون الذي يتنقل ما بين الرسالة والنجارة. انتهى نوح من صنع السفينة، وكانت سفينة ضخمة هائلة اختلف أهل التفسير في حجمها، وعدد طوابقها، وطولها وعرضها، وشكلها وكم استغرق نوح في بنائها. أمر الله سبحانه وتعالى نوح أن يجمع من كل نوع من الحيوانات والطيور والحشرات والزواحف زوجًا، كالبقر والفيل والنمر والعصفور والجمال والخيل والأسود والغزلان وغيرهم، ثم يدخلهم في السفينة التي صنعها ويقوم بدعوة أهله، ومن آمن معه من قومه لركوب تلك السفينة. كما أمره الله بتخزين أنواع الأطعمة والمشروبات في السفينة، ومن الحبوب والبذور والفاكهة ما يستطيع، ففعل نوح ما أمره الله به، وبعد امتلاء السفينة قام نوح بغلقها كما أمره الله سبحانه وتعالى.