الخطبة الأولى: إن الحمد لله... أما بعد: فيا أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- وراقبوه، واستعملوا نعمه عليكم في محابه ومراده، واحذروا مخالفته باستخدامها في ما يغضبه، فتسلب النعم، وتزول إلى الأبد. السنة في لبس النعلين وخلعهما - إسلام ويب - مركز الفتوى. عباد الله: لقد امتن الله على عباده: أن وهبهم ما يكسون به عوراتهم، ويوارون به سوآتهم، من اللباس الكاسي المجمل للبدن: ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف: 26]. وقال سبحانه: ( وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) [النحل: 81]. وقال تعالى: ( وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ) [الأنبياء: 80]. فالله -جل وعلا-: وهبنا اللباس الذي يواري سوآتنا، ونتجمل به، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي ما من خير إلا ودل الأمة عليه، ولا شر إلا وحذرهم منه، وقد بين لنا أحكام اللباس، وقد أمر الله -سبحانه- الناس بأخذ الزينة عند كل صلاة: ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31].
يُستحبُّ التيامُنُ في غَسلِ أعضاء الوُضوءِ لكن مَن قدَّم اليُسرى على اليُمنى، فوضوءُه صحيح، ولا إعادةَ عليه، بإلإجماعِ. قال ابن المُنذِر: (أجمعوا على أنْ لا إعادةَ على مَن بدأ بيسارِه قبل يمينِه في الوضوء). ((الإجماع)) (ص: 35) وقال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمعوا أنَّ مَن غَسل يُسرى يديه قبل اليُمنى أنَّه لا إعادةَ عليه). حل سؤال التيامن في اللباس - الشامل الذكي. ((الاستذكار)) (1/128). وقال ابن تيميَّة: (لو بدأ في الطَّهارةِ بمياسِرِه قبل ميامنه، كان تاركًا للاختيارِ، وكان وضوءُه صحيحًا من غيرِ نزاعٍ أعلَمُه بين الأئمَّة). ((مجموع الفتاوى)) (32/209). الأدلَّة: أولًا: مِن السُّنَّةِ 1- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه توضَّأ فغسَلَ وَجهَه، أخذ غَرفةً مِن ماءٍ، فمضمض بها واستنشَقَ، ثم أخَذ غَرفة من ماءٍ، فجعل بها هكذا، أضافها إلى يَدِه الأخرى، فغَسَلَ بهما وجهَه، ثمَّ أخَذ غَرفةً من ماءٍ، فغَسَل بها يدَه اليُمنى، ثمَّ أخَذ غَرفةً من ماءٍ، فغسَل بها يده اليُسرى، ثمَّ مسَح برأسه، ثمَّ أخَذ غَرفةً من ماءٍ، فرَشَّ على رِجله اليُمنى حتَّى غسَلَها، ثم أخَذ غَرفةً أخرى، فغسَل بها رِجله، يعني: اليُسرى، ثمَّ قال: هكذا رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأ)) رواه البخاري (140).
وكان إذا رأى أحدَ أصحابه قد لبس جديدا دعا له؛ أخرج أحمد وغيره من حديث ابن عمر: أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال لعمر بن الخطاب لما رآه لبس ثوبا جديدا: " البس جديدا، وعش حميدا، ومت شهيدا، ويرزقك الله قرة عين في الدنيا والآخرة ". حكم التيامن في اللباس - موقع محتويات. وكان عليه الصلاة والسلام إذا لبس ثيابه بدأ بميامنه، بمعنى أنه يدخل يده اليمنى في الكم الأيمن قبل اليسرى؛ كما أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة قالت: " كان صلى الله عليه وآله وسلم يحب التيامن ما استطاع في طهوره وتنعله وترجله وفي شأنه كله ". وكان عليه الصلاة والسلام يحب النظافة في الثياب، وينكر على من أهمل في نظافة ثيابه، سواء كسلا أو تزهدا؛ أخرج الطبراني في معجمه من حديث عمران بن حصين: أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " إن الله إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ". وأخرج مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود قال صلى الله عليه وآله وسلم: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " فقال رجل: يا رسول الله: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال: " إن الله جميل يحب الجمال: الكبر بطر الحق، وغمط الناس ". والمعنى لا بأس بالتجمل مالم يكن فيه سرف، وليس ذلك من الكبر، وليس التواضع بالإهمال في الملبس، ولبس القذر المتسخ، ولهذا قال: " إن الله جميل يحب الجمال ".
ومن أجل كل هذه المعاني الخيرة والطيبة لليمين اهتم الإسلام بالحق والخير بالتيامن المشتق عن اليمين والمسلم مع توجهات العدل والحق والخير: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) والبيعة تتم باليمين لدى المسلمين، وقد رضي الله عن أولئك النفر الذين بايعوا رسول صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، جزاء لهم على حسن صنيعهم في موقف تحرش بهم فيه المشركون. وما أدراك ما أصحاب اليمين الذين يذكرنا بهم التزامنا بالتيامن؟ يقول علماؤنا: أهل اليمين الذين التزموا بشرع الله، وأطاعوا الله ورسوله وجاهدوا أنفسهم للمثابرة على إتيان الطاعات واجتناب المحرمات، وقد وعدهم الله ــ سبحانه وتعالى ــ بالحساب اليسير أو عدم المحاسبة في الآخرة. قال تعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبوراً ويصلى سعيراً) سورة الانشقاق الآيات من 7ــ12. عن عائشة ــ أم المؤمنين ــ رضي الله عنها، قالت: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم حاسبني حساباً يسيراً» قلت: وما الحساب اليسير؟ قال: ينظر في كتابه ويتجاوز عن سيئاته، فأما من نوقش في الحساب فقد هلك».
السؤال: وإذا مسحهما في وقتٍ واحدٍ؟ الجواب: يجوز إذا عمم، ما يضرّ، المهم التَّعميم، لكن السنة هكذا وهكذا، أسهل عليه، كان النبي ﷺ يمسح اليمنى باليمنى، واليسرى باليسرى. س: في الزمن -زمن المسح- ما يُقدم اليُمنى؟ ج: نعم يُقدم اليمنى على قاعدة: إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم. س: وإذا مسحهما في وقتٍ واحدٍ؟ ج: الجمهور يرى أنه يصحّ، يرى التيامن أفضلية. س: في المسح أو في الغسل؟ ج: التيامن أفضلية. س: سواء كان في الغسل أو في المسح؟ ج: نعم أفضلية، لكن الأحوط للمؤمن أن يحتاط، الأحوط للمؤمن أن يعتني بالأفضلية بالأيمن؛ لقوله ﷺ: إذا توضَّأتم فابدؤوا بميامنكم ، وكان يتوضأ ويبدأ بالميامن عليه الصلاة والسلام. [1] 06 من قوله: (وكيف مسح أجزأ ويكره غسله وتكرار مسحه)
((التمهيد)) (20/122). ، وأبو الوليد الباجيُّ قال أبو الوليد الباجيُّ: (وقوله: (ثمَّ غَسَل يده اليمنى، ثمَّ غسَل يده اليسرى)، إخبارٌ عن استعماله التيمُّنَ في غَسلِه والترتيبِ فيها، ولا خلاف أنَّ هذا الترتيبَ مُستحَبٌّ، وليس بمستحَقٍّ، والله أعلم). ((المنتقى)) (1/96). ، وابنُ العربي قال ابنُ العربي: (قوله: (فإذا غسَل يديه) فذكَر مجموعهما؛ ولأجْل هذا اتَّفق العلماءُ على سقوطِ الترتيبِ بينهما). ((عارضة الأحوذي)) (1/11). ، وابن قدامة قال ابن قدامة: (لا خلافَ بين أهلِ العِلمِ- فيما علِمنا- في استحبابِ البَداءة باليُمنى... وأجمعوا على أنَّه لا إعادةَ على مَن بدأ قبل يمينِه) ((المغني)) (1/81). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (تقديمُ الُيمنى سنَّةٌ بالإجماع، وليس بواجبٍ بالإجماع؛ قال ابن المُنذِر: أجمعوا على أنَّه لا إعادةَ على مَن يبدأ بيسارِه، وكذا نقَل الإجماعَ فيه آخرون). ((المجموع)) (1/383). ، والعينيُّ قال العينيُّ في سياق ذِكر بعض الفوائد: (الخامس: فيه البَداءةُ باليُمنى، وهو سُنَّة بالإجماع). ((عمدة القاري)) (2/266). انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التَّسمية. المطلب الثَّاني: السِّواك. المطلب الثَّالث: غَسل الكفَّين ثلاثًا.