وألف بين قلوبهم | أحمد النفيس | رمضان ١٤٤٢ - YouTube
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) وألف بين قلوبهم أي جمع بين قلوب الأوس والخزرج. وكان تألف القلوب مع العصبية الشديدة في العرب من آيات النبي صلى الله عليه وسلم ومعجزاته ، لأن أحدهم كان يلطم اللطمة فيقاتل عنها حتى يستقيدها. والف بين قلوبهم لو انفقت. وكانوا أشد خلق الله حمية ، فألف الله بالإيمان بينهم ، حتى قاتل الرجل أباه وأخاه بسبب الدين. وقيل: أراد التأليف بين المهاجرين والأنصار. والمعنى متقارب.
( وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) قوله تعالى:( وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم). اعلم أنه تعالى لما أمر في الآية المتقدمة بالصلح ذكر في هذه الآية حكما من أحكام الصلح وهو أنهم إن صالحوا على سبيل المخادعة ، وجب قبول ذلك الصلح ؛ لأن الحكم يبنى على الظاهر لأن الصلح لا يكون أقوى حالا من الإيمان ، فلما بنينا أمر الإيمان على الظاهر لا على الباطن ، فههنا أولى ولذلك قال:( وإن يريدوا) المراد من تقدم ذكره في قوله:( وإن جنحوا للسلم). فإن قيل: أليس قال:( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم) [ الأنفال: 58] أي أظهر نقض ذلك العهد ، وهذا يناقض ما ذكره في هذه الآية ؟ قلنا: قوله:( وإما تخافن من قوم خيانة) محمول على ما إذا تأكد ذلك الخوف بأمارات قوية دالة عليها ، وتحمل هذه المخادعة على ما إذا حصل في قلوبهم نوع نفاق وتزوير ، إلا أنه لم تظهر أمارات تدل على كونهم قاصدين للشر وإثارة الفتنة ، بل كان الظاهر من أحوالهم الثبات على المسألة وترك المنازعة ، ثم إنه تعالى لما ذكر ذلك ، قال:( فإن حسبك الله) أي فالله يكفيك ، وهو حسبك وسواء قولك: هذا يكفيني ، وهذا حسبي.
المسألة الثانية: احتج أصحابنا بهذه الآية على أن أحوال القلوب من العقائد والإرادات والكرامات كلها من خلق الله تعالى ، وذلك لأن تلك الألفة والمودة والمحبة الشديدة إنما حصلت بسبب الإيمان ومتابعة الرسول عليه الصلاة والسلام ، فلو كان الإيمان فعلا للعبد لا فعلا لله تعالى لكانت المحبة المرتبة عليه فعلا للعبد لا فعلا لله تعالى ، وذلك على خلاف صريح الآية ، قال القاضي: لولا ألطاف الله تعالى ساعة فساعة ، لما حصلت هذه الأحوال ، فأضيفت تلك المخالصة إلى الله تعالى على هذا التأويل ، ونظيره أنه يضاف علم الولد وأدبه إلى أبيه ، لأجل أنه لم يحصل ذلك إلا بمعونة الأب وتربيته ، فكذا ههنا. والجواب: كل ما ذكرتموه عدول عن الظاهر وحمل للكلام على المجاز ، وأيضا كل هذه الألطاف كانت حاصلة في حق الكفار ، مثل حصولها في حق المؤمنين ، فلو لم يحصل هناك شيء سوى الألطاف لم يكن لتخصيص المؤمنين بهذه المعاني فائدة ، وأيضا فالبرهان العقلي مقو لظاهر هذه الآية ، وذلك لأن القلب يصح أن يصير موصوفا بالرغبة بدلا عن النفرة وبالعكس ، فرجحان أحد الطرفين على الآخر لا بد له من مرجح ، فإن كان ذلك المرجح هو العبد عاد التقسيم ، وإن كان هو الله تعالى ، فهو المقصود ، فعلم أن صريح هذه الآية متأكد بصريح البرهان العقلي فلا حاجة إلى ما ذكره القاضي في هذا الباب.
ومِن أعظم أسباب حدوث النفور والشقاق وأعظمها: الذنوب، قال الله -سبحانه وتعالى- يقول: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30). والف بين قلوبهم - YouTube. قال بعض السلف: "إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي". فالذنوب من أعظم أسباب نزول المصائب والنقم، وكذا الفرقة والنفور، ولا عجب فقد قال -صلى الله عليه وسلم- موضحًا سبب الذنوب في حدوث الجفاء والنفور بين الإخوان، قال -صلى الله عليه وسلم-: ( مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فِي اللهِ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا) (رواه أحمد، وصححه الألباني). وعلاج ذلك: التوبة والإنابة إلى الله -تعالى-، وسرعة الاستجابة لأمر الله -تعالى-، وأن تمتلئ القلوب إجلالًا وتعظيمًا لله، فبذلك تحصل التقوى التى هي من أعظم أسباب تفريج الكربات، وتيسير الأمور، قال -تعالى-: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) (الطلاق:2) ، ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق:4). ومِن أعظم الوسائل أيضًا التي قد يغفل عنها الكثير -أو لا يدرك قيمتها كما ينبغي-: الدعاء، ودوام الافتقار والتذلل لله -تعالى- القريب المجيب -سبحانه وبحمده-، فإن نواصي العباد وقلوب العباد جميعًا بيد الله، فالله هو الملك القدير -سبحانه وبحمده-؛ فلو أنفق العباد ما في الأرض جميعًا، لتأليف قلوب لم يأذن الله -تعالى- في تآلفها لما تألفت، كما قال -سبحانه وبحمده- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال:63).
( هو الذي أيدك بنصره). قال المفسرون: يريد قواك وأعانك بنصره يوم بدر ، وأقول: هذا التقييد خطأ لأن أمر النبي عليه السلام من أول حياته إلى آخر وقت وفاته ، ساعة فساعة ، كان أمرا إلهيا وتدبيرا [ ص: 151] علويا ، وما كان لكسب الخلق فيه مدخل ، ثم قال:( وبالمؤمنين) قال ابن عباس: يعني الأنصار. فإن قيل: لما قال:( هو الذي أيدك بنصره) فأي حاجة مع نصره إلى المؤمنين ، حتى قال:( وبالمؤمنين). قلنا: التأييد ليس إلا من الله لكنه على قسمين: أحدهما: ما يحصل من غير واسطة أسباب معلومة معتادة. والثاني: ما يحصل بواسطة أسباب معلومة معتادة.
3) شيخ الإسلام أبو الفضل أحمد بن حجر بن علي العسقلاني (ت 852هـ)، ألَّف في أسباب النزول كتابًا جيدًا، ولكنه مات عنه وهو مسودة ولم يكتمل. 4) الإمام جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر بن محمد، المعروف بالسيوطي (ت 911هـ)، ألَّف في أسباب النزول كتابًا سماه (لباب النقول، في أسباب النزول)، وهو من أشهر الكتب المسندة في هذا الفن. كيف تحفظ القرآن؟ احرص على ترتيل القرآن وتجويده: من أجمل الأشياء التي تساعدك على القراءة بفترات طويلة أن تقرأ القرآن بصوت حسن، وترتِّله ترتيلًا، كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بذلك، فقال: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]؛ فالقراءة بصوت مرتفع قليلًا وبتجويد الصوت، تجعلك تحسُّ بلذة القراءة والحفظ، وحاوِل أن تقلِّد أحكام التجويد كما تسمعها من القارئ من خلال المسجل أو الجوال أو الكمبيوتر أو الراديو؛ فكلها وسائل سخَّرها الله لتساعدنا على حفظ القرآن. [1] رواه أبو داود (3528). [2] رواه الترمذي (2014). [3] رواه الطبراني (6150). [4] رواه البخاري (651)، ومسلم (2333). [5] رواه أحمد (21625)، وصححه الألباني. [6] رواه مسلم (6538)، وأحمد (18030). [7] رواه البخاري (3850). [8] رواه البخاري (5143)، ومسلم (6488).