هذه نظرة عامة عن موقف دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من زيارة القبور والبناء عليها والتي تقوم على مكافحة تقديس أصحاب القبور وتعظيمها لما تؤدي إلى الشرك. لقد خدمت فكرة الدعوة إلى التوحيد التي نادى بها الشيخ وحدة المسلمين (١) عثمان بن بشر: مصدر سابق ج١ ص ١٦١ و ١٦٢. (٢) حسين بن غنام: تاريخ نجد، تحقيق الدكتور ناصر الدين الأسد ص ٥٢٧. (٣) المصدر السابق: ص ٥٤٠. (٤) رشيد رضا: الوهابيون والحجاز ص ٥٦. (٥) مسعود الندوي: مرجع سابق ص ٢٢٠، ورشيد رضا: الوهابيون والحجاز ص ٥٦.
والنذر له والطواف على قبره، ونحو ذلك، فهذا العمل شرك واضح (١). ولقد جاهد الشيخ محمد وعلماء الدعوة بكل قوتهم لصرف الناس عن الزيارة البدعية والشركية إلى الزيارة الشرعية التي شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم عند زيارة القبور، ومن هنا قرر علماء الدعوة بأنه لا تشد الرحال إلا لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه, وإذا قصد مع ذلك زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس (٢). ، وذلك لحديث «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» [رواه البخاري ومسلم] (٣). وتمسكا بالقاعدة الأصولية السابقة " سد الذريعة " فقد شدد علماء الدعوة في تحريم البناء على القبور من قباب وغيرها, ورأوا وجوب هدمها لأنها وسيلة إلى الشرك، فهي تؤدي إلى تعظيم صاحب القبر ومن ثم عبادته (٤) وقد استدل علماء الدعوة بما ورد في السنة الصحيحة من تحريم البناء على القبور ووجوب هدم ما بني عليها، ومن ذلك وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بأن لا يدع قبرا مشرفا (أي مرتفعا) إلا سويته، رواه مسلم. وروي أيضا عن جابر رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يكتب عليه» ، وغير ذلك من الأحاديث في هذا المعنى, ومن هنا ندرك أن علماء الدعوة في تحريمهم للبناء على القبور وهدمهم لها إنما هو تبعا لما ورد في السنة الصحيحة عن ذلك (٥).