اهـ. أما مس الذكر فقد اخْتَلفَت فيه الأئمة، فمنهم من ناقض للوضوء مُطْلَقًا، وهم الجمهور من المالكية - في المشهور - والشافعية والحنابلة - في الصحيح من المذهب - وإسحاق، وابن حزم، وأكثر أهل العلم واحتجوا بحديث بُسْرَةَ بنت صفوان: (من مَسَّ ذَكَرَهُ فليَتَوَضَّأ)، ورجحوه على حديث طَلْقِ بْنِ عَلِىٍّ مِن وُجُوه: منها:كونه أَصَحَّ وأرجَح مِنه؛ لكثرة مَنْ صَحَّحَه من الأئمة، ولكثرة شواهده. ومنها: كون بُسرة حدثت به في المدينة، والمهاجرون والأنصار مُتَوَافِرُون، ولم يدفعه منهم أحد. ومنها: أنه ناسِخٌ لحديث طَلْقِ بْنِ عَلِىٍّ؛ لأن إسلامَ بُسْرَةَ مُتَأَخِّر عن إسلامِ طَلْق. ومنها: أنَّ حديث طَلْقِ مُوافِق لما كَانَ الأَمْرُ عليه قبل ورود حديث بُسْرَةَ من البَرَاءَةِ الأَصلية، وحديث بُسْرَةَ نَاقِل عَنها. ورَجَّحَ البعض عَدَم النَّقضِ مُطْلَقًا، وهو قول الحنفية، ورَبِيعة، والثَّوْرِيِّ، وابنِ المُنْذِر والرواية الثانية عن أحمد؛ واحتَجُّوا بِحَدِيث طَلْق بن عليِّ - رضي الله عنه - قال: (قال رَجُلٌ: مَسَستُ ذَكَرِي. أو قال: الرَّجُل يَمَسُّ ذَكَرَهُ في الصَّلاةِ؛ أَعَلَيْه الوضوء؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا، إنما هو بضعةٌ منك)؛ أخرجه الخمسةُ، وإسنَادُهُ صحيح.
فلم يأمر بغير الاغتسال فدل على إجزائه، وقال صلى الله عليه وسلم لأم سلمة:إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين الماء على سائر جسدك فتطهرين. أخرجه مسلم. ولم يأمر بوضوء، ولأن الحدث الأصغر يدخل في الأكبر تبعا. قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال لرجل – قال له: إني أتوضأ بعد الغسل – فقال له: لقد تعمقت. هل غسل ليلة القدر يجزئ عن الوضوء ابن باز لقد افتى الإمام ابن باز -رحمه الله- فيما أفتى به أهل العلم من حيث أن غسل الجنابة يجزي عن الوضوء، إلا أن الغسل المستحب لا يجزي عن ذلك، وهذا ما جاء في نص فتواه التي أتت كالآتي: السنة للجنب: أن يتوضأ ثم يغتسل؛ تأسيا بالنبي ﷺ، فإن اغتسل غسل الجنابة ناويًا الطهارة من الحدثين: الأصغر والأكبر أجزأه ذلك، ولكنه خلاف الأفضل، أما إذا كان الغسل مستحبًا؛ كغسل الجمعة، أو للتبرد فإنه لا يكفيه عن الوضوء؛ بل لا بد من الوضوء قبله أو بعده. لقوله ﷺ: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ متفق على صحته. وقوله ﷺ: لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول أخرجه مسلم في صحيحه. ولا يعتبر الغسل المستحب أو المباح تطهرًا من الحدث الأصغر إلا أن يؤديه كما شرعه الله في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ الآية [المائدة: 6].