متستر بالدين.. سلاحه الفتاوى التكفيرية.. كلماته حرّكت الإرهاب وأزهقت أرواح الأبرياء بلا ذنب اقترفوه.. عاث في الأرض فسادا.. إلى أن وقع في المصيدة ونال جزاء ما اقترفت يداه. إنه منظر تنظيم القاعدة الإرهابي.. فارس آل شويل الزهراني.. فما هي قصته؟
أما الإرهابي الآخر الذي وضعته للمقارنة مع نمر النمر فهو فارس آل شويل، والذي، وإن كان يخالف نمرا في المذهب العقدي، وربما يكفره، إلا أنه يشاطره التهم التي أدت إلى إعدامهما. فهو، أعني آل شويل، ما فتئ يكفر الدولة والمجتمع، ويدعو صراحة وبلا مواربة إلى قتل رجال الأمن. ولم يكتف بالكلام أو الخطب فحسب، بل لقد ألف عدة مؤلفات تدور في المجال ذاته، منها كتابه الأشهر (الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث)، والذي ألفه إثر بداية المواجهات بين القاعدة وسلطات الأمن السعودية. ثم أتبع كتابه هذا بتأليف كتاب آخر عنوانه (وجوب استنقاذ المستضعفين من سجون الطواغيت والمرتدين)، ثم أتبع هذا الكتاب بكتاب آخر سماه (تحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنة الاغتيال). وبقية المتهمين لم يخرجوا كثيرا عن هذا الخط من التهم التي سوغت الحكم عليهم بالقتل، سواء حرابة أو تعزيرا. فمن بينهم مثلا (عبدالعزيز الطويلعي) الذي كان عضوا ومفتيا لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، ولقد ألف كتبا لا تقل مضامينها سوءا عن كتب فارس آل شويل، ولا عن تطلعات ودعوات نمر النمر، منها كتاب (حكم استهداف المصالح النفطية)، وكتاب (انتقاض الاعتراض على تفجيرات الرياض).
حروف وأفكار يقول فارس آل شويل الزهراني في أحد آخر بياناته -قبل القبض عليه- إن جنسيته السعودية موضوعة تحت قدميه، وإنه لا يعترف بمفهوم الجنسية، وحقيقة، فقد كان فارس آل شويل في عبارته هذه، ليس إلا مستجلباً ومسترجعاً لعبارة أخرى أطلقها أحد مشايخ الإسلام الحركي السعودي المعروفين، الذي هو نتيجة لتماهيه مع الفكر الإسلاموي لا يؤمن بالجنسية وما يترتب عليها على الإطلاق، مما دفعه للقول وعن إيمان: أن الوطنية ليست إلا عنصرية جاهلية وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت قدميه! الخطاب الإسلاموي بطبيعته لا يؤمن بالدولة القطرية، ولا يعترف بالحدود الدولية، وقد قام بالأساس على وهم إعادة الخلافة الإسلامية إلى وضعها السابق، وهو في أساسه هذا، لا يعير اهتماماً للمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مثله في ذلك مثل غيره من الخطابات الأممية، كالخطاب الماركسي على سبيل المثال. إن الدولة القطرية تشكل في واقعها تطوراً في العلاقات الدولية التي تمخضت عن معاهدة صلح وستفاليا عام 1648، كان نتيجة هذا التطور أن أصبحت الدولة الوطنية هي الأساس المعترف به مقابل الوضع السابق المتمثل بالإمبراطور الذي يحكم بمباركة البابا، وكثير من المؤرخين يعدون هذا التاريخ نقطة النهاية لمرحلة العصور الوسطى.