وقال تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ الزخرف/26، 27. ص564 - كتاب معجم التوحيد - أمور لا تنافي عقيدة الولاء والبراء - المكتبة الشاملة. وقال تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ الممتحنة/4. إلى غير ذلك من الآيات في وجوب موالاة المؤمنين، وتحريم موالاة الكافرين ووجوب البراءة منهم ومما يعبدون. وروى أحمد (22132) عن معاذ أنه: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان قال: أَفْضَلُ الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ لِلَّهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ، وَتُعْمِلَ لِسَانَكَ فِي ذِكْرِ وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره. وروى الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله ، والمعاداة في الله ، والحب في الله ، والبغض في الله عز وجل وصححه الألباني في "صحيح الجامع" الصغير برقم: (2539).
حول ما يترتب على الولاء والبراء من أمور مثل طبيعة المعاملات، والحكم بالكفر والإسلام هذا المقطع يسلط الضوء: كيف تتبرأ من الكفار، وما هي حدود تعاملك معهم هذا المقطع يسلط الضوء. لمن ولاءنا؟ لقد رأينا فيما سبق أن الولاء للمؤمنين شرط في الإيمان، ولذلك من الضروري أن نعرف وبصدق لمن ولاؤنا الآن، فإن كان لله ولرسوله والمؤمنين نحمد الله على ذلك، وإن كان لغير الله ورسوله والمؤمنين نبادر بالإلتحاق بفسطاط الإيمان قبل فوات الأوان. في الواقع عند الحديث بصدق عن الولاء والبراء، نجد مفهوم الإيمان غائبا عمليا، فالدين عند أغلبنا لا يعدوا كونه هوية وجزء من التراث الذي ورثناه، منحصر في مجموعة شعائر لا علاقة كبيرة له بمسألة الانتماء، لذلك نجد نوعين من الولاء الولاء للتراث إننا نوالي في أغلب الأحيان على أساس التراث، فنحن تراثيون أكثر من كوننا مسلمون ، بمعنى أننا مسلمون بحسب ما ندعي طاعة للتراث وليس قناعة برسالة الإسلام في المقام الأول، فأغلبنا على ما يسميه الإسلام نظرا لكونه ورثه من آباءه. ومن ثم فإنه من الطبيعي أن يكون ولاءنا للتراث أكثر من أي شيء آخر، وهذا يتجلى فالانتماء للأسرة بغض النظر عن دين أفرادها، وللقبيلة أو العرق كما هو ملاحظ في أغلب دول العالم.
مفهوم الولاء والبراء سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " الرجاء من فضيلتكم توضيح الولاء والبراء لمن يكون وهل يجوز موالاة الكفار؟. فأجاب: الولاء والبراء معناه محبة المؤمنين وموالاتهم وبغض الكافرين ومعاداتهم والبراءة منهم ومن دينهم هذا هو الولاء والبراء كما قال الله سبحانه في سورة الممتحنة: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ الآية. وليس معنى بغضهم وعداوتهم أن تظلمهم أو تتعدى عليهم إذا لم يكونوا محاربين، وإنما معناه أن تبغضهم في قلبك وتعاديهم بقبلك ولا يكونوا أصحابا لك، لكن لا تؤذيهم ولا تضرهم ولا تظلمهم فإذا سلموا ترد عليهم السلام وتنصحهم وتوجههم إلى الخير كما قال الله عز وجل: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ الآية. وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وهكذا غيرهم من الكفار الذين لهم أمان أو عهد أو ذمة، لكن من ظلم منهم يجازى على ظلمه، وإلا فالمشروع للمؤمن الجدال بالتي هي أحسن مع المسلمين والكفار مع بغضهم في الله للآية الكريمة السابقة... " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 246).