وهذا لا ينافي عمومية مفهوم الآية، ولا ينافي مورد نزولها أيضا (علماء أهل الكتاب) ولهذا اتجه علماؤنا في الفقه والأصول عند بحثهم موضوع الاجتهاد والتقليد إلى ضرورة ووجوب أتباع العلماء لمن ليست له القدرة على استنباط الأحكام الشرعية، ويستدلون بهذه الآية على صحة منحاهم. الذكر رسول الله ونحن أهله: وقد يتساءل فيما ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في كتاب (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)): أن علماء في مجلس المأمون قالوا في تفسير الآية: إنما عني بذلك اليهود والنصارى، فقال الرضا (عليه السلام): "سبحان الله وهل يجوز ذلك، إذا يدعونا إلى دينهم ويقولون: إنه أفضل من الإسلام... " ثم قال: "الذكر رسول الله ونحن أهله ". بيان معنى قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ). وتتلخص الإجابة بقولنا: إن الإمام قال ذلك لمن كان يعتقد أن تفسير الآية منحصر بمعنى الرجوع إلى علماء أهل الكتاب في كل عصر وزمان، وبدون شك أنه خلاف الواقع، فليس المقصود بالرجوع إليهم على مر العصور والأيام، بل لكل مقام مقال، ففي عصر الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) لابد من الرجوع إليه على أساس إنه مرجع علماء الإسلام ورأسهم. وبعبارة أخرى: إذا كانت وظيفة المشركين في صدر الإسلام لدى سؤالهم عن الأنبياء السابقين وهل أنهم من جنس البشر هي الرجوع إلى علماء أهل الكتاب لا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهذا لا يعني أن على جميع الناس في أي عصر ومصر أن يرجعوا إليهم، بل يجب الرجوع إلى علماء كل زمان.
وما هو ذنب المسلم الذي يقرأ في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم قول رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: سيؤخذ بكم يوم القيامة إلى ذات الشمال، فأقول: إلى أين؟ فيقال: إلى النار والله، فأقول: (١١٥) الذهاب إلى صفحة: «« «... 109 110 111 113 114 115 116 117 118 119 120... » »»