وأيضاً: فإنه لا يقول: إن الحكم معلق بمس النساء مطلقاً، بل بصنف من النساء وهو ما كان مظنة الشهوة، فأما مس من لا يكون مظنة كذوات المحارم والصغيرة فلا ينقض بها فقد ترك ما ادعاه من الظاهر واشترط شرطًا لا أصل له بنص ولا قياس، فإن الأصول المنصوصة تفرق بين اللمس لشهوة واللمس لغير شهوة لا تفرق بين أن يكون الملموس مظنة الشهوة أو لا يكون وهذا هو المس المؤثر في العبادات كلها كالإحرام والاعتكاف والصيام وغير ذلك، وإذا كان هذا القول لا يدل عليه ظاهر اللفظ ولا القياس لم يكن له أصل في الشرع. وأما من علق النقض بالشهوة فالظاهر المعروف في مثل ذلك دليل له، وقياس أصول الشريعة دليل. ومن لم يجعل اللمس ناقضاً بحال، فإنه يجعل اللمس، إنما أريد به الجماع، كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ﴾ [البقرة:237] ونظائره كثيرة، وفي السنن أن النبي ﷺ: « قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثم صلَّى ولم يتوضأ » لكن تكلم فيه. ص244 - كتاب جامع تراث العلامة الألباني في الفقه - الوضوء من مس الذكر إذا مسه بشهوة - المكتبة الشاملة. وأيضاً: فمن المعلوم أن مس الناس نساءهم مما تعم به البلوى، ولا يزال الرجل يمس امرأته؛ فلو كان هذا مما ينقض الوضوء لكان النبي ﷺ بينه لأمته؛ ولكان مشهوراً بين الصحابة، ولم ينقل أحدٌ أن أحداً من الصحابة كان يتوضأ بمجرد ملاقاة يده لامرأته أو غيرها، ولا نقل أحد في ذلك حديثاً عن النبي ﷺ فعلم أن ذلك قول باطل والله أعلم(8) أهـ.
[3] أنَّ الأصل بقاء الطهارةِ وعدم نقض الوضوء، ومعلومٌ أنَّ اليقينَ لا يزول بالشكِّ، وبناءً على ذلك فإنَّ المسلم لا يخرج عن الطهارةِ إلا بدليلٍ متيقن.
وجه الدَّلالة: أنَّ الذَّكرَ كما أنَّه بَضعةٌ مِن الإنسانِ، فكذلك الدُّبُر؛ فلا يُنقَضُ الوضوءُ بلمسِه. ثانيًا: أنَّ النُّصوصَ جاءت في إيجابِ الوُضوءِ مِن مسِّ الذَّكَرِ، لا مِن مسِّ الدُّبُر، والأصلُ بقاءُ الطَّهارةِ، وعدم النَّقض، فلا نخرُج عن هذا الأصلِ إلَّا بدليلٍ مُتيقَّن ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/281). انظر أيضا: المطلب الأوَّل: مسُّ الرجُلِ ذَكَره( بدونِ حائلٍ). المطلب الثَّاني: مسُّ المرأةِ فرْجَها. المطلب الثَّالث: مسُّ فَرجِ الغير (الكبير والصغير). المطلب الخامس: مسُّ الأُنثيَينِ والأَليَتينِ والرُّفْغَين.