أطلق وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن الفضلي، اليوم (الخميس)، مشروعاً لدراسة جدوى استخدام مياه البحر المحلّاة في الزراعة، وذلك ضمن مساعي الوزارة لإيجاد مصادر مياه إضافية تدعم نمو القطاع الزراعي وتسهم في الموازنة بين التنمية الزراعية والأمن المائي، في ظل ندرة المياه غير المتجددة من المصادر الطبيعية في المملكة. ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه تقنيات تحلية مياه البحر تطورات متسارعة، تشمل استخدام مصادر الطاقة المتجددة لتشغيل محطات التحلية. وتحتل المملكة المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج المياه المحلّاة، وتعمل على زيادة معدل الإنتاج اليومي ليصل إلى 9 ملايين متر مكعب من مياه الشرب بحلول عام 2025م. ويهدف المشروع، إلى إجراء تقييم شامل لجدوى استخدام مياه البحر المحلّاة في الزراعة من النواحي الاقتصادية والفنية والبيئية، والاستفادة من التجارب العالمية، وتحديد المحاصيل ونظم الزراعة والري المناسبة. وأعدت «البيئة»، إطاراً يتضمن إجراء دراسة مرجعية شاملة للخبرات العالمية في مجال تحلية مياه البحر للأغراض الزراعية، ومن ذلك دراسة الأثر والمتطلبات الاقتصادية والفنية والبيئية التي وضعتها الدول لتطوير استخدام مياه التحلية في الزراعة، مع تحديد المساحات الزراعية ونوع المحصول وأساليب الزراعة والري.
خاضت عدة دول تجربة تحلية مياه البحر، لتوفير المياه لشعوبها، بعضها حقق نجاحا كبيرا، ونجح في التغلب على أزمة المياه، في مقدمتها الإمارات. ظلت مشكلة الموارد المائية في العالم تطرح تساؤلات عديدة بشأن المستقبل الذي ستعيشه الأجيال القادمة إذا لم يتم توفير المياه العذبة الكافية. فمع الزيادة السكانية المطردة وارتفاع مستوى المعيشة ازداد استهلاك الماء، الأمر الذي دفع بالمنحنى التصاعدي لمعدل الطلب المائي العالمي، الذي من المتوقع أن يستمر في الارتفاع لعقود طويلة قادمة، ويعتقد العديد من العلماء والمختصين في الاستشراف أن القرن الحالي سيشهد صراعات عنيفة حول استغلال مصادر المياه على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وبالنظر إلى الأوضاع المائية في المنطقة العربية، نجد أن أقطار الوطن العربي تقع في حزام المناطق القاحلة أو شبه القاحلة، وهي بذلك تعتبر من البلدان الأكثر فقراً في الموارد المائية الصالحة للاستخدام، هذا فضلاً عن الأوضاع الجغرافية والسياسية الحرجة في منطقة الشرق الأوسط، فالموارد المائية على قلتها تتنازعها الدول المجاورة. بالإضافة لوجود عدد من التحديات الأخرى إزاء الأمن المائي للمنطقة، أبرزها انخفاض نصيب الفرد العربي، الذي لا يتجاوز 1057 م3/ العام، وهو أقل بكثير من الصعيد العالمي الذي يصل إلى 7600 م/3 العام.
وتم اقتراح إدماج هذا المشروع في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي. وأوضح المسؤول الحكومي أن توالي سنوات الجفاف أبان عن هشاشة بعض الأنظمة المائية في شمال ووسط المملكة، مشيرا في الآن ذاته إلى أن المغرب انخرط منذ عقود في تلبية حاجيات البلاد من الماء ومواكبة التطور الذي يشهده في مسلسل التحكم في الموارد المائية عن طريق إنجاز منشآت مائية كبرى لتعبئة المياه السطحية، وإنجاز آلاف الآبار والأثقاب لاستخراج المياه الجوفية. وساهمت هذه المنشآت، يضيف المتحدث ذاته، بشكل كبير في توفير الماء الشروب والصناعي وكذلك تلبية الحاجيات من مياه السقي، كما مكنت من تأمين التزويد بالماء خلال فترات الجفاف. لكن وفي ظل تزايد الطلب على هذه المادة الحيوية وآثار تغير المناخ التي تلوح في الأفق، والتي تنذر بانخفاض كميات المياه بالمنطقة، ومن أجل مواكبة التطور الذي يشهده المغرب والتطلعات التي يقبل عليها، يبقى لزاما مضاعفة الجهود المبذولة في مجال تعبئة وتدبير الموارد المائية، سواء التقليدية منها أو غير التقليدية، كتحلية مياه البحر. وزاد الوزير الاستقلالي أنه منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي تم اللجوء إلى تحلية مياه البحر لتزويد أقاليم الجنوب بالماء الشروب، نظرا لضعف الموارد المائية التقليدية بها؛ وذلك عن طريق إنجاز محطات صغرى وأخرى متوسطة، منها محطة مدينة العيون، ومحطة بوجدور ومحطة طانطان.