ولا شك في أن تأخير الصلاة إلى وقت الضرورة من غير عذر كفعل صلاة العصر بعد الاصفرار، من الأعمال القبيحة التي قد تعرض صاحبها للوعيد وأن يكون له حظ من قوله تعالى: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. وفي الآية أقوال هذا أحدها وعموم الآية يشمل الكل. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ. قال ابن عباس، وغيره: يعني المنافقين، الذين يصلون في العلانية ولا يصلون في السر. ولهذا قال: لِلْمُصَلِّينَ. أي: الذين هم من أهل الصلاة وقد التزموا بها، ثم هم عنها ساهون، إما عن فعلها بالكلية، كما قاله ابن عباس، وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها شرعا، فيخرجها عن وقتها بالكلية، كما قاله مسروق، وأبو الضحى. وقال عطاء بن دينار: والحمد لله الذي قال: عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ. ولم يقل: في صلاتهم ساهون. وإما عن وقتها الأول فيؤخرونها إلى آخره دائما أو غالبا. وإما عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به. معنى قوله تعالىالذين هم عن صلاتهم ساهون - إسلام ويب - مركز الفتوى. وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها، فاللفظ يشمل هذا كله، ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية. ومن اتصف بجميع ذلك، فقد تم نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي.
الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الذين هم عن صلاتهم ساهون فروى الضحاك عن ابن عباس قال هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثوابا ، وإن تركها لم يخش عليها عقابا. وعنه أيضا: الذين يؤخرونها عن أوقاتها. وكذا روى المغيرة عن إبراهيم ، قال: ساهون بإضاعة الوقت. وعن أبي العالية: لا يصلونها لمواقيتها ، ولا يتمون ركوعها ولا سجودها. قلت: ويدل على هذا قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة حسب ما تقدم بيانه في سورة ( مريم) عليها السلام. وروي عن إبراهيم أيضا: أنه الذي إذا سجد قام برأسه هكذا ملتفتا. وقال قطرب: هو ألا يقرأ ولا يذكر الله. وفي قراءة عبد الله ( الذين هم عن صلاتهم لاهون). وقال سعد بن أبي وقاص: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون - قال -: ( الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، تهاونا بها). وعن ابن عباس أيضا: هم المنافقون يتركون الصلاة سرا ، يصلونها علانية وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى الآية. Maksud lafadz الذين هم عن صلاتهم ساهون adalah. ويدل على أنها في المنافقين قوله: الذين هم يراءون ، وقال ابن وهب عن مالك. قال ابن عباس: ولو قال في صلاتهم ساهون لكانت في المؤمنين وقال عطاء: الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم.
( فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون) زمان كنت مؤمن أن آية ( الذين هم عن صلاتهم ساهون) يقصد بها صلاة الـ 5 أوقات في المسجد ؛ ولكني جائني آلهام آخر أعمق من ذلك التفسير السطحي الذي لم يشعره قلبه بقوة مثل ذلك الألهام.. وهو أن المقصود بالصلاة هنا هي حياة الإنسان كلها ، وبمعني أدق هي تفاصيل حياة الانسان.. الصلاة هي الصلة بين الله والانسان.. وبمعني أدق هي الصلة بين الله وقلب الانسان ، والصلاة يمكن أن تكون في أي مكان وفي أي زمان وتحت أي ظروف ، والصلاة هي احساس واستشعار وجود الله بداخلك وحولك.. الاحساس والإيمان في القلب. هناك الكثيرين من يكونون في الصلاة في المسجد وقلوبهم أبعد ما يمكن عن الله..! تفسير قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}… الآيات. وهناك إنسان يسير في الشارع أو في أي احتفال أو مسافر لمكان ما أو نائم علي السرير وقلبه أقرب ما يمكن من الله.. ربما يكون قلبه أقرب من كل القلوب التي دخلت المسجد طوال اليوم..! – المسجد ، الكنيسة ، المعبد … كلها أماكن لعبادة الله ولكنها الأماكن المصغرة أو الأماكن التي تذكرك بوجود الله عندما تنسي وتدعوك أن تقوي صلتك بالله ؛ ولكن المكان الأكبر والمكان الأساسي لعبادة الله هو الكون كله هو عالمك كله.. لذلك الصلاة في المسجد ، الكنيسة ، المعبد ، … هي الصلاة المصغرة مقارنة بالصلاة الأكبر والأعم والأشمل والأحق ، وهي تفاصيل حياتك الكبيرة والصغيرة.
ولهذا وصف الله هؤلاء بالرياء والقسوة وعدم الرحمة، فقال: { الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} أي يعملون الأعمال لأجل رئاء الناس. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الماعون - الآية 6. وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} أي: يمنعون إعطاء الشيء، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية، أو الهبة، كالإناء، والدلو، والفأس، ونحو ذلك، مما جرت العادة ببذلها والسماحة به. فهؤلاء -لشدة حرصهم- يمنعون الماعون، فكيف بما هو أكثر منه. وفي هذه السورة، الحث على إكرام اليتيم، والمساكين، والتحضيض على ذلك، ومراعاة الصلاة، والمحافظة عليها، وعلى الإخلاص [فيها و] في جميع الأعمال. والحث على [فعل المعروف و] بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء والدلو والكتاب، ونحو ذلك، لأن الله ذم من لم يفعل ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين.
أما إن جحد وجوبها فإنه يكفر بإجماع العلماء ولو صلى، أما السهو فيها فليس هو المراد في هذه الآية، وليس فيه الوعيد المذكور؛ لأنه ليس في مقدور الإنسان السلامة منه، وقد سها النبي ﷺ في الصلاة غير مرة كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وهكذا غيره من الناس يقع منه السهو من باب أولى، ومن السهو عنها الرياء فيها كفعل المنافقين. فالواجب أن يصلي المؤمن لله وحده، يريد وجهه الكريم، ويريد الثواب عنده سبحانه وتعالى؛ لعلمه بأن الله فرض عليه الصلوات الخمس فيؤديها إخلاصا لله، وتعظيما له، وطلبا لمرضاته عز وجل، وحذرا من عقابه. ومن صفات المصلين الموعودين بالويل: أنهم يمنعون الماعون، والماعون، فسر بـ: بالزكاة، وأنهم يمنعون الزكاة؛ لأن الزكاة قرينة الصلاة كما قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ [البينة:5] وقال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43] وقال آخرون من أهل العلم: إنه العارية، وهي التي يحتاج إليها الناس ويضطرون إليها. وفسره قوم بـ: الدلو لجلب الماء، وبالقدر للطبخ ونحوه.
ومن سقى شربة من الماء حيث لا يوجد ، فكأنما أحيا نفسا ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. ذكره الثعلبي في تفسيره ، وخرجه ابن ماجه في سننه. وفي إسناده لين; وهو القول الثاني عشر. الماوردي: ويحتمل أنه المعونة بما خف فعله وقد ثقله الله. والله أعلم. وقيل لعكرمة مولى ابن عباس: من منع شيئا من المتاع كان له الويل ؟ فقال: لا ، ولكن من جمع ثلاثهن فله الويل; يعني: ترك الصلاة ، والرياء ، والبخل بالماعون. قلت: كونها في المنافقين أشبه ، وبهم أخلق; لأنهم جمعوا الأوصاف الثلاثة: ترك الصلاة ، والرياء ، والبخل بالمال; قال الله تعالى: وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ، وقال: ولا ينفقون إلا وهم كارهون. وهذه أحوالهم ويبعد أن توجد من مسلم محقق ، وإن وجد بعضها فيلحقه جزء من التوبيخ ، وذلك في منع الماعون إذا تعين; كالصلاة إذا تركها. إنما يكون منعا قبيحا في المروءة في غير حال الضرورة. والله أعلم.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ} [سورة الماعون: آية 6] يعني: يراءون الناس في أعمالهم يريدون مدحهم، ويؤدون الأعمال الصالحة لا يريدون بها وجه الله، وإنما يريدون أن يمدحهم الناس كالذي يتصدق لأجل أن يمدحه الناس أو يصلي أو يطلب العلم أو يؤدي أي عبادة من العبادات لا رغبة في الطاعة والثواب، وإنما يريد بذلك أن يمدحه الناس ويثنوا عليه، فهذا هو الرياء . وهذا يحبط العمل كما قال سبحانه وتعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [ سورة الكهف : آية 110]، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر). فسئل عنه فقال: (الرياء) [رواه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] فالرياء محبط للعمل وهو شرك. شرك أصغر، وهو خطر شديد، وهو من صفات المنافقين، لأنهم كما قال الله تعالى: {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [ سورة النساء : آية 142]. فالرياء داء خطر ومرض وبيل.