لكن هذه الحكمة قد نعلمها ، وقد تخفى علينا ، وقد يخفى علينا أكثرها أو بعضها. ثالثاً: أجمع العلماء على تحريم الصوم على الحائض ، وأنها يلزمها قضاء ما أفطرته بسبب الحيض إذا كان الصوم واجبا كصيام رمضان. وأجمعوا أيضا على أنها إذا صامت لم يصح صومها. انظر السؤال رقم ( 50282). واختلف العلماء في الحكمة من عدم صحة الصوم من الحائض. فقال بعضهم: الحكمة غير معلومة لنا. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: "وَكَوْنُ الصَّوْمِ لا يَصِحُّ مِنْهَا لا يُدْرَكُ مَعْنَاهُ, فَإِنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ مَشْرُوطَةً فِيهَا" اهـ من "المجموع" (2/386). وقال آخرون: بل الحكمة أن الله تعالى نهى الحائض عن الصيام وقت الحيض رحمةً بها ، لأن خروج الدم يضعفها ، فإذا صامت وهي حائض اجتمع عليها الضعف بسبب الحيض وبسبب الصيام ، فيخرج الصوم بذلك عن حد الاعتدال ، وقد يصل إلى حد الإضرار. قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/234): " فَنَذْكُرُ حِكْمَةَ الْحَيْضِ وَجَرَيَانَ ذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ فَنَقُولُ: إنَّ الشَّرْعَ جَاءَ بِالْعَدْلِ فِي كُلِّ شَيْءٍ. الحكمه من مشروعيه الصيام. وَالإِسْرَافُ فِي الْعِبَادَاتِ مِنْ الْجَوْرِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ الشَّارِعُ وَأَمَرَ بِالاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَاتِ; وَلِهَذَا أَمَرَ بِتَعْجِيلِ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَنَهَى عَنْ الْوِصَالِ وَقَالَ: ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ وَأَعْدَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ داود عليه السلام كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلا يَفِرُّ إذَا لاقَى) فَالْعَدْلُ فِي الْعِبَادَاتِ مِنْ أَكْبَرِ مَقَاصِدِ الشَّارِعِ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة/87.
ويستمر البناء المعرفي حينما يعزّز الإنسان اعتقاده بالحياة في الآخرة، وأنّها هي الحياة الحقيقية التي تستحقّ وصفها بالحياة، وأنّ الدنيا هي محطة عبور إلى تلك الحياة، يتخلّلها الكثير من الموهمات بكونها كمالات، وهي ليست كمالات.
3- يؤكد هذا أن الصوم تربية للإرادة وجهاد للنفس ، وتعويد على الصبر ، والثورة على المألوف ، وهل الإنسان إلا إرادة ؟ وهل الخير إلا إرادة ؟ وهل الدين إلا صبر على الطاعة ، أو صبر عن المعصية؟ والصيام يتمثل فيه الصبران. ولا غَرْو أن سَمَّى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـشهر رمضان: "شهر الصبر" ، وجاء في الحديث: " صوم شهر الصبر ، وثلاثة أيام من كل شهر ، يذهبن وحَر الصدر" (رواه البزار عن علي وابن عباس ، والطبراني والبغوي عن النمر بن تولب ، كما في صحيح الجامع الصغير –3804). ومعنى "وَحَر الصدر": أي غِشَّه ووساوسه ، وقيل: الحقد والغيظ وقيل غيره. كما اعتبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ"الصيام جُنَّة" (وردت هذه الجملة في عدة أحاديث عن عدد من الصحابة منها: عن أبي هريرة في الصحيحين). الحكمة من مشروعية الصيام. أي درعًا واقية من الإثم في الدنيا ، ومن النار في الآخرة ، وفي الحديث: "الصيام جُنَّة من النار كجُنَّة أحدكم من القتال" ( رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان عن عثمان بن أبي العاص ، كما في صحيح الجامع الصغير -3879). "الصيام جُنّة ، وهو حصن من حصون المؤمن" رواه الطبراني عن أبي أمامة ، وحسنه في (صحيح الجامع الصغير) -3881).
انتهى. وقال العيني: وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: مَا ترْجم عَلَيْهِ البُخَارِيّ، وَهُوَ: رفع الْبَصَر إِلَى الإِمَام. وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك، أَعنِي: فِي رفع الْبَصَر إِلَى أَي مَوضِع فِي صلَاته، فَقَالَ أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيّ، وَأَبُو ثَوْر: إِلَى مَوضِع سُجُوده، وَرُوِيَ ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم، وَابْن سِيرِين، وَفِي (التَّوْضِيح): وَاسْتثنى بعض أَصْحَابنَا إِذا كَانَ مشاهدًا للكعبة، فَإِنَّهُ ينظر إِلَيْهَا. يكون نظر المصلي في صلاته الى - موقع بنات. وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن: ينظر إِلَى مَوضِع سُجُوده فِي حَال قِيَامه، وَإِلَى قَدَمَيْهِ فِي رُكُوعه، وَإِلَى أَنفه فِي سُجُوده، وَإِلَى حجره فِي تشهده؛ لِأَن امتداد النّظر يلهى، فَإِذا قصر كَانَ أولى. وَقَالَ مَالك: ينظر أَمَامه، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن ينظر إِلَى مَوضِع سُجُوده وَهُوَ قَائِم: قَالَ: وَأَحَادِيث الْبَاب تشهد لَهُ؛ لأَنهم لَو لم ينْظرُوا إِلَيْهِ -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-، مَا رَأَوْا تَأَخره حِين عرضت عَلَيْهِ جَهَنَّم، وَلَا رَأَوْا اضْطِرَاب لحيته، وَلَا استدلوا بذلك على قِرَاءَته، وَلَا نقلوا ذَلِك، وَلَا رَأَوْا تنَاوله فِيمَا تنَاوله فِي قبلته حِين مثلت لَهُ الْجنَّة، وَمثل هَذَا الحَدِيث قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ)؛ لِأَن الائتمام لَا يكون إلاّ بمراعاة حركاته فِي خفضه وَرَفعه.
السؤال: عند صلاة الجنازة هل ينظر المصلي إلى موضع سجوده كما في بقية الصلوات؟ أم لا يجب ذلك؟ وماذا يفعل من فاته أكثر من تكبيرة واحدة في صلاة الجنازة؟ الجواب: السنة للمصلي في الجنازة، وغير الجنازة أن ينظر محل سجوده حتى لا يحصل عبث، ولا تساهل عن الصلاة، حتى يخشع، هذا هو الأفضل، وإذا أدرك بعض الصلاة فما أدركه هو أول صلاته، هذا هو الأفضل، وما يقضيه هو آخرها، فإذا أدرك التكبيرة الثالثة كبر، وقرأ الفاتحة، وإذا كبر إمامه الرابعة كبر، وصلى على النبي ﷺ وإذا سلم إمامه كبر، وقال: اللهم اغفر له وارحمه، ثم كبر، وسلم. نعم. المقدم: أحسن الله إليكم سماحة الشيخ. يكون نظر المصلي في صلاته إلى - بصمة ذكاء. فتاوى ذات صلة
[٩] [١٠] فالنَّظر إلى السَّماء في الصَّلاة من الأُمور المُحرَّمة، ولكن لا تَبطُل الصَّلاة به، وذهب بعضُ الظاهريّة وبعض العلماء إلى القول ببطلانها، وذهب جُمهور الفُقهاء إلى القول بكراهة رفع البصر إلى السَّماء في حال الصَّلاة، لِما ورد عن النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- في النهيِ عن ذلك، وذهب ابنُ حزم وابن العثيمين إلى القول بالتحريم.